الأحد، 18 أغسطس 2013

حكاية يوم في حياتي ...1 ديسمبر 2008

الاثنين 1 ديسمبر 2008 
الساعة الخامسة فجرا
صحوت مبكرا - كعادتي - منذ سنوات طويلة . اليوم هو غرة شهر ذو الحجة ، وأنا معتاد أيضا منذ سنوات طويلة على صوم العشر الأوائل من الشهر . مرتكزا على ما ورد في سورة الفجر : " وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ " .
طبعا كل الدول الإسلامية تلتزم بالإعلان السعودي عن بدء شهر ذي الحجة . بعكس شهر رمضان ، الذي تثور به الاختلافات ويحتدم الجدل ويثور النقاش بين فقهاء المسلمين على رؤية الهلال . فهناك فريق من الفقهاء يعتمد على الحسابات الفلكية في رؤية الهلال ، وهناك من يعتمد على الرؤية  الطبيعية . ومن النادر أن يصوم العالم الإسلامي كله في يوم واحد ، فهناك من يصوم مع السعودية ، وهناك من يصوم قبلها ، وهناك من يصوم بعدها !
الجو يساعد على الصوم ، فالنهار قصير ، والأجواء مائلة للبرودة .
-------
الساعة الثامنة صباحا
كنت أتابع نشرة أخبار " الجزيرة هذا الصباح " على قناة الجزيرة .
يوم إسرائيل بامتياز !
الخبر الأول : أن دول الاتحاد الأوروبي أعدت وثيقة تتضمن برنامج عمل يتعلق بمسيرة السلام ، هدفها وقف عمليات الأمر الواقع التي تنفذها إسرائيل في القدس والضفة الغربية ، والضغط عليها كي توقف الاستيطان وازالة الحواجز العسكرية وتعيد فتح " بيت الشرق  " الفلسطيني في القدس الشرقية المحتلة وانجاز اتفاق سلام مع الفلسطينيين في سنة 2009 ، وتلتزم السلطة بمكافحة الارهاب .
---
ما يسمى بالسلام واقعيا انتهى باغتيال إسحاق رابين رئيس وزراء إسرائيل يوم السبت 4 نوفمبر 1995 .
وما يسمى بالسلام رسميا انتهى بانتخاب بنيامين نتانياهو لرئاسة الوزارة يوم الخميس 30 مايو 1996 .
المجتمع الإسرائيلي مجتمع حرب وليس مجتمع سلام !
المجتمع الإسرائيلي يريد سلام في مقابل سلام ، وليس أرض في مقابل سلام !
المجتمع الإسرائيلي لن يبت في القضايا الكبرى المعلقة : المستوطنات - اللاجئون - الحدود النهائية - القدس !

-------
الخبر الثاني : مجموعة من قوى السلام الإسرائيلية تسعى إلى توحيد صفوف الحزبين الحاكمين " كديما " برئاسة وزيرة الخارجية  تسبي لفني ، ووزير الدفاع إيهود باراك رئيس حزب " العمل " ، رغم معارضتهما ، في لائحة انتخابية واحدة لمجابهة حزب " الليكود " برئاسة بنيامين نتانياهو في الانتخابات المقبلة يوم الثلاثاء 10 فبراير 2009 .
---
تذكرت قولا منسوبا للأستاذ هيكل : " ان معرفتنا بماضي أي إنسان هي نصف معرفتنا بمستقبله " !
من اللافت للنظر أن كل المتسابقين للانتخابات ينتموا لمعسكر الحرب وليس لمعسكر السلام .
تسبي لفني كانت منضمة للمخابرات الإسرائيلية " الموساد " ويقال بأنها مارست القتل بيديها ( قتلت شخصيات فلسطينية . كما عملت خادمة تحت اسم مستعار ، في بيت عالم ذرة عراقي وقامت باغتياله بالسم ) !
إيهودا باراك قام بقتل ثلاثة من القادة الفلسطينيين في منطقة فردان ببيروت سنة 1973 وهم : كمال ناصر ، كمال عدوان و محمد يوسف النجار ، بعد أن تخفى بملابس نسائية !
بنيامين نتانياهو كان ضابطا في وحدة كوماندوز خاصة !

-------
الخبر الثالث : الرئيس اللبناني ميشال سليمان يبدأ زيارة رسمية لألمانيا .
---
ألمانيا لعبت دورا مركزيا في ايجاد مخارج وحلول لمسائل شائكة بين لبنان وإسرائيل مثل ملف الاسرى والمعتقلين ، وقد أثمرت عن عمليتي تبادل ناجحتين بين حزب الله وإسرائيل .
هل هناك واسطة ألمانية جديدة ؟

-------
الخبر الرابع : مركز الحفاظ على شعب إسرائيل وأرض إسرائيل ، وهي منظمة يهودية . قد أقامت مهرجان لتكريم جنود من الجيش الإسرائيلي رفضوا المشاركة في اجلاء المستوطنين من المستوطنات . وقد وعدت بمنح عدة آلاف من الدولارات لكل جندي يرفض أوامر إخلاء المستوطنات .
---
رهاننا القادم هو على الوطنية الإسرائيلية !

-------
الخبر الخامس : الجنرال حسن شاه صفي قائد القوات الجوية الإيرانية ، أعلن بأن بلاده صممت طائرة يمكنها تفادي أجهزة الرادار ، كما ستجري اختبارا على صاروخ إيراني جو - جو يبلغ مداه 40 كيلومتر .
---
تجري إيران الكثير من المناورات الحربية أو اختبارات لأسلحة لإظهار عزمها على التصدي لأي هجوم قد تشنه الولايات المتحدة أو إسرائيل على مواقعها النووية .
يحسب للثورة الإيرانية فضل أنها ما تزال مرابطة عند أسوار القدس .

-------
الخبر السادس : الهند تهدد بإلغاء صفقات سلاح ضخمة بقيمة ملياري دولار مع إسرائيل . بعد الانتقادات التي وجهها وزير الدفاع الإسرائيلي أيهود باراك ، لأداء قوات الأمن الهندية في مومباي خلال العمليات الارهابية الأخيرة .
---
كان هناك تعاون في كافة المجالات بين العرب ( زمن ناصر ) والهند من أيام حركة التحرر الوطني وسياسة عدم الانحياز .. ماض لا يعود !
فالعرب ارتضوا بعلاقة ثنائية مع الولايات المتحدة .. وارتضوا بعلاقات متعددة مع النساء من زوجات وجواري ومحظيات !

-------
الخبر السابع : الرئيس الأمريكي المنتخب باراك أوباما يعلن اختياره السيدة هيلاري كلينتون لتولي منصب وزارة الخارجية ، وأن هناك الكثير ينبغي عمله : من منع وصول الأسلحة النووية إلى إيران وكوريا الشمالية ، إلى السعي من أجل سلام دائم بين إسرائيل والفلسطينيين ، إلى تعزيز المؤسسات الدولية ، إلى القضاء على تهديد الإرهاب ، إلى إعادة مكانة الولايات المتحدة كقوة تغيير ايجابية .
---
مطلب كل الإدارات الأمريكية ( جمهورية أم ديمقراطية ) هو ردع إيران عن امتلاك أية أسلحة متقدمة ، على أن تكون الإجراءات ضد القيادة الإيرانية وبدون تأثير على الشعب الإيراني ( قد تتحول لحليف كما كانت زمن الشاه ) !
لا قلق على أمن إسرائيل من الفلسطينيون أو العرب .. والتفاوض سيعكس موازين القوى بين الطرفين ، وكلها لصالح إسرائيل !
الإرهاب بنظر كل الإدارات الأمريكية هو حزب الله وحركة حماس وتشجيع سوريا لهما ، والمطلوب ضمان تحجيمهم ، مع تقوية إمكانيات الردع الإسرائيلي !

-------
الخبر الثامن : معرض " صنع في سوريا " المقام للمرة الثالثة هذا العام على أرض المعارض بالقاهرة يحقق نجاحا إنسانيا واجتماعيا ، رغم الجفاء السياسي بين البلدين . فقد تراجعت العلاقات بعد حرب لبنان 2006 ، بعد أن وصف الرئيس السوري بشار الأسد القادة العرب بأنهم " أنصاف رجال " ، لانتقادهم تهور حزب الله وإعطاء إسرائيل مبرر لشن حرب . وتعليق الرئيس المصري حسني مبارك على خطاب الرئيس الأسد : " أسأل الله الهداية لكل من تفلت أعصابه ويؤدي ذلك إلى انفلات لسانه " .
---
بعد 60 عاما ليس هناك تصور عربي موحد بشأن التعامل مع إسرائيل سواء سلما أو حربا ، إنما مجموعة تصورات مخلوطة ومشوشة متدحرجة بغير هدى وعلى غير طرق ودون بوصلة أو خرائط !   

-------
الخبر التاسع : الزوارق البحرية الإسرائيلية تعترض السفينة الليبية " المروة " وتمنعها من الوصول إلى سواحل مدينة غزة وتجبرها على العودة إلى ميناء العريش المصري القريب . وبررت إسرائيل هذا الموقف : " بأن السفينة تحمل على متنها سلاحا وذخيرة ووسائل قتالية ، وقد يكون عليها مستشارون عسكريون إيرانيون لتقديم المشورة لحركة حماس للقيام بعمليات إرهابية " .
وقال جمال الخضري رئيس اللجنة الشعبية لكسر الحصار : " أن السفينة تحمل ثلاثة آلاف طن من المواد الغذائية والطبية " .
---
تذكرت تصريح للأستاذ هيكل في بداية سنة 1983 " نحن نعيش في ظلال الحقبة الإسرائيلية " .
كنت قد أطلعت على تقرير شارل مالك لوزارة الخارجية اللبنانية يوم الجمعة 5 أغسطس 1949 : " سيأتي العهد اليهودي حتما إذا ظل العالم العربي على تأخره وتفككه الحاضرين " .
للأسف فإن أحداث الشرق الأوسط تسير وفق الأجندة الإسرائيلية .. حزينا أقولها !

-------
منتصف اليوم  
انهى سوق عمان المالي في جلسة اليوم ارتفاعه مدعوما من كافة القطاعات وغالبية القياديات ، وعلى رأسهم سهم البنك العربي الذي أرتفع بنسبة % وسط تداولات نشطة نسبيا رغم تراجعها الكبير عن مستويات جلسة يوم الأحد 30 نوفمبر التي شهدت صفقتين كبيرتين على سهم البنك العربي ، حيث كسب المؤشر العام ما نسبته 2.64 % ليقفل عند مستوى 2840.37 نقطة . وقد بلغ حجم التداول 39.8 مليون دينار .
( رفعت أسرة الحريري مساهمتها في البنك العربي إلى 22 % من إجمالي الأسهم 534 مليون سهم بعد أن أصبحت ملكيتها فيه 117 مليون سهم . وتمتلك شركة سعودي أوجيه المحدودة المملوكة لأسرة الحريري والمسجلة كشركة سعودية الجنسية ، 48 مليون سهم بنسبة 9 % تقريبا ، فيما تمتلك شركة أوجيه ميدل إيست هولدنغ اللبنانية الجنسية وتملكها أيضا أسرة الحريري 37.5 مليون سهم تمثل ما نسبته 7 % من أسهم البنك . وتملك الأسرة ذاتها أيضا من خلال بنك البحر المتوسط اللبناني الجنسية ما نسبته 4.9 % تعادل 26 مليون سهم . وأخيرا يملك ابن العائلة الشيخ بهاء الدين الحريري 5.4 مليون سهم نسبتها 1.02 % من إجمالي أسهم البنك ) .

-------
الساعة الواحدة ظهرا 
كنت استمع للسيد رامي الحصري رئيس وحدة الوساطة المالية بإدارة الثروات لدى بنك الإسكان للتجارة و التمويل ( وهو يدير فريق متخصص يعمل بتفاني لخدمة عملائه وتلبية احتياجاتهم بأسلوب كفؤ ، سريع ودقيق . ويقدم خدمة نظام التداول المباشر ، الذي يمكن العملاء من التداول من أي مكان ، علاوة على متابعة الأسواق العالمية ، وأخبار الأسهم ، الرسومات والأخبار الفورية والكثير من الميزات التي تساعد العميل على اتخاذ القرار الاستثماري ) .
السيد رامي أراد أن يزيد من حالة التفاؤل السائدة في السوق بعد جلستين من الارتفاع . هو أبلغني بأن : " قيمة الاستثمارات الأجنبية في البورصة الأردنية بلغت حوالي 11.6 مليار دينار تمثل 46.1 % من إجمالي الاستثمارات في البورصة حتى نهاية نوفمبر الماضي " .
وأضاف : " تراجعت ملكية الأجانب بنسبة طفيفة من 46.8 % للشهر الذي سبقه ، ما يدحض التوقعات بتراجع كبير للاستثمارات الأجنبية كإحدى النتائج المتوقعة للأزمة المالية العالمية " .
السيد رامي الحصري قدم لي بيانات بالأرقام يظهر جنسية المستثمرين العرب والأجانب ونسبة ملكيتهم في سوق عمان المالي حتى نهاية نوفمبر .
تصدر المستثمرون السعوديون المرتبة الأولى  بين المستثمرين العرب والأجانب .
1 - السعوديون : نسبة ملكيتهم 7.4 % يقيمة 1859 مليون دينار .
2 - الكويتيون : نسبة ملكيتهم 7.1 % بقيمة 1769 مليون دينار .
3 - اللبنانيون : نسبة ملكيتهم 5.4 % بقيمة 1366 مليون دينار .
4 - القطريون : نسبة ملكيتهم 4.3 % بقيمة 1078 مليون دينار .
5 - الأميركيون : نسبة ملكيتهم 3.4 % بقيمة 855 مليون دينار ( الذين يحملون الجنسية الأميركية هم بالأصل مستثمرون في غالبيتهم من أصول أردنية وفلسطينية ولبنانية ) .
6 - الليبيون : نسبة ملكيتهم 2.2 % بقيمة 548 مليون دينار .
7 - المستثمرون المسجلون في جزر القمر وجيرسي : نسبة ملكيتهم 2.1 % بقيمة 543 مليون دينار .
8 - جنسيات عربية مشتركة : نسبة ملكيتهم 2.1 % بقيمة 515 مليون دينار .
9 - البحرينيين : نسبة ملكيتهم 1.7 % بقيمة 435 مليون دينار .

-------
الساعة الثانية ظهرا 
كنت في مكتب الصديق رعد حجازين مدير علاقات خدمات الاستثمار في بنك الإسكان . هو شاب في منتصف العشرينات من عمره ، لديه طموح حدوده السماء ، وعين على الهدف معززة بوسائل العلم والمعرفة والإرادة التي لا تعرف الاستكانة .
بدأ حديثه معي محذرا : " أن الاقتصاد العالمي سوف يدخل في حالة ركود عميق في حال فشل حزم المحفزات الاقتصادية العديدة التي بدأت بعض البلدان في تطبيقها لتحسين الوضع المالي واستعادة ثقة المستهلك على مدار الشهور المقبلة " .
هو قال : " بأن الحل بتطبيق محفزات اقتصادية متناسقة وضخمة وسريعة لمواجهة تباطؤ الاقتصاد العالمي " .
هو توقع : " حدوث انخفاض في متوسط دخل الفرد في الناتج القومي خلال السنة المقبلة وهبوطا في نمو الصادرات وتدفقات رأس المال إلى جانب ارتفاع تكاليف الاقتراض للبلدان النامية ، حيث تنتشر المصاعب الاقتصادية من الاقتصاديات الغنية " .
هو توقع : " أن يواصل الدولار الأميركي هبوطه مع احتمالية انخفاضه بشدة في عام 2009 " .
هو حذر : " يمكن للبلدان المتقدمة أن تدخل في ركود عميق في عام 2009 إذا استمر الانكماش الائتماني لفترة طويلة ولم يتم استعادة الثقة في القطاع المالي في غضون الأشهر المقبلة " .

-------
الساعة الخامسة مساءا
حان موعد الافطار . طبعا لا وجود لمدفع رمضان ، بل انتظار لصوت المؤذن ( بيتي بجانب مسجد أبو قوره ، وهي عائلة دينية ومن المساهمين في تأسيس حركة الإخوان المسلمين في الأردن بمنتصف أربعينات القرن العشرين ) .
فريال طاهية محترفة ، وأكلها يحمل نكهة مطبخ بلاد الشام الحقيقية ، وبالنسبة لها فالطبخ يعني الكثير لها ، فهي ربة بيت بامتياز .
الأطباق شهية : مقبلات ( تبولة ) ، فطائر مقرمشة ( بعضها محشية بالخضار والآخر بالجبنة البيضاء ) ، الطبق الرئيسي إيطالي : معكرونة وقد أضافت له فريال نكهة فلسطينية ، رشة من نبتة الزعتر الناشف .

-------
الساعة السابعة مساءا 
كنت أنا وفريال في البركة مول بمنطقة الصويفية . هي كانت بحاجة لمعطف ، فهذه أول سنة لنا في عمان وبردها القارس وتساقط الثلوج ، بينما قضينا 43 سنة في الكويت وشتاءها الدافئ نسبيا ولا حاجة للمعطف .
توجهنا لمحلات ABC الشهيرة في بيروت ، وهذا أول فرع خارجي لها . البائعة طلبت من زوجتي مواصفات المعطف .
فريال طلبت من البائعة معطفا ذو جودة عالية ( هي طلبت معطفا يجمع بين الصوف والكشمير ) وتصميم مميز وأناقة كلاسيكية .
هي طلبت معطفا متوسط الطول ( لحدود الركبة ) - واسعا نوعا ما ، ومعه حزام لإظهار الخصر ( فريال لا يتجاوز وزنها 60
كيلوغرام ) ، وأن يكون لونه غامقا .

-------
الساعة التاسعة مساءا 
كنت جالسا في مكتبي ، مطالعا كتاب " فلسفة الثورة " للرئيس جمال عبد الناصر .
الكتاب طبع سنة 1954 ، وقد صاغه وحرره الأستاذ محمد حسنين هيكل . وهو يقع في 112 صفحة من القطع الكبير ، ويقع في ثلاثة أجزاء .
والكاتب يقر في مقدمته بأنه ليس كتابا ، وإنما " دورية استكشاف " - منطق رجل ذو خلفية عسكرية - ، لاكتشاف نفوسنا ، والظروف المحيطة بنا ، واهدافنا ..
ثم هو يؤكد بأن ثورة 23 يوليو كانت تحقيقا لأمل سبقه فيه السيد عمر مكرم في تزعمه حركة تنصيب محمد علي واليا على مصر . ومحاولة عرابي في مطالبته بالدستور . ثم ثورة 1919 بزعامة سعد زغلول .
ثم هو ينفي بأن الثورة قامت بسبب نتائج حرب فلسطين 1948 ، أو بسبب الأسلحة الفاسدة ، أو بسبب انتخابات نادي ضباط الجيش .
هو يجزم بأنه كان يحارب في فلسطين ، ولكن أحلامه كانت كلها في مصر .
متذكرا قول أحمد عبد العزيز قبل موته : " ان ميدان الجهاد الأكبر هو في مصر ... " .
مستدلا بمقالات ضابط إسرائيلي اسمه يردهان كوهين نشرها في جريدة جويش اوبزرفر The Jewish Observer ، بأنه التقى بجمال عبد الناصر أثناء مباحثات واتصالات عن الهدنة قائلا في احدى مقالاته : " لقد كان الموضوع الذي يطرقه جمال عبد الناصر معي دائما هو كفاح إسرائيل ضد الإنجليز ، وكيف نظمنا حركة مقاومتنا السرية لهم في فلسطين وكيف استطعنا أن نجند الرأي العام في العالم وراءنا في كفاحنا ضدهم " .
ثم يعود إلى أيام التلمذة والفوران الذي عاشه ماشيا مع المظاهرات الهاتفة بعودة دستور سنة 1923 .
هو يتسأل : " لقد أحسست منذ انبثق الوعي في وجداني ، أن العمل الايجابي يجب أن يكون طريقنا .. ولكن أي عمل .. ؟!
ثم يستطرد بأنه في فترة من حياته كانت الحماسة هي العمل الايجابي في تقديره .
وهو يعترف أن الاغتيالات السياسية توهجت في خياله المشتعل في تلك الفترة - أجواء الحرب العالمية الثانية - على أنها العمل الايجابي الذي لا مفر من الاقدام عليه ، إذا يجب عليه أن ينقذ مستقبل وطنه .
ثم يذكر حادثة غيرت مجرى أفكاره وأحلامه . فقد اختار واحد يجب أن يزول من الطريق ...
وجاءت الليلة الموعودة وخرج بنفسه مع جماعات التنفيذ .. وسار كل شيء طبقا لما تصوره .
وأقبل الواحد الذي كان يجب أن يزول وانطلق نحوه الرصاص ..
وانسحبت فرقة التنفيذ ، وغطت انسحابها فرقة الحراسة ، وبدأت عمليات الافلات إلى النجاة ، وأدار محرك سيارته وأنطلق يغادر المسرح الذي شهد عملهم الايجابي الذي رتبوه ..
وفجأة دوت في سمعه أصوات صريخ وعويل ، وولولة امرأة ورعب طفل ، ثم استغاثة متصلة محمومة ..
ولم ينم طول الليل .
بقي مستلقيا على فراشه في الظلام ، يشعل سيجارة وراء سيجارة ويسرح مع الخواطر الثائرة ، ثم تتبدد كل خواطره على أصوات الصراخ والعويل والولولة والاستغاثة التي ما زالت تطرق سمعه ..
ووجد نفسه يقول فجأة : " ليته لا يموت " !
وكان عجيبا أن يطلع عليه الفجر ، وهو يتمنى الحياة للواحد الذي تمنى له الموت في المساء !
وهرع في لهفة إلى احدى صحف الصباح ... واسعده أن الرجل الذي دبر اغتياله .. قد كتب له النجاة .
ثم يخرج بنتيجة : " ولقد كان من السهل - وما زال سهلا حتى الآن - أن نريق دماء عشرة أو عشرين ، فنضع الرعب والخوف في كثير من النفوس المترددة ونرغمها على أن تبتلع شهواتها واحقادها واهواءها . ولكن أي نتيجة كان يمكن أن يؤدي إليها مثل هذا العمل ؟ " .
ثم يعرج على الجذور التاريخية لمصر . هو يرى أن مصر على مفرق طرق من الدنيا . وكثيرا ما كانت معبرا للغزاة ، ومطمعا للمغامرين .
فلا يمكن اغفال تاريخ مصر الفرعوني ، ثم تفاعل الروح اليونانية مع روح مصر ، ثم غزو الرومان ، والفتح الإسلامي وموجات الهجرة العربية التي أعقبته .
والحروب الصليبية ، و المغول والشركس ( المماليك ) ، وما رافق ذلك من طغيان وظلم وخراب وذل وفقر .
ثم يتذكرا عبارة كثيرا ما هتف بها طفلا صغيرا ، حينما كان يرى الطائرات في السماء ..
" يا ربنا يا عزيز .. داهية تأخذ الإنجليز " ..
في الفصل الثالث والأخير من الكتاب ، يتحدث الرئيس ناصر عن أن العالم كله - وليس مصر فحسب - هو نتيجة لتفاعل الزمان والمكان .
الزمان يفرض علينا تطوره ..
والمكان يفرض علينا حقيقته .
فالقدر لا يهزل ، ليست هناك أحداث من صنع الصدفة ولا وجود يصنعه الهباء .
ثم يحدد سياسته عبر الدوائر الثلاث الشهيرة  :
- الدائرة الأولى : العربية تحيط بنا ، وهي منا ونحن منها ، امتزج تاريخنا بتاريخها ، وارتبطت مصالحنا بمصالحها حقيقة وفعلا وليس مجرد كلام .. ؟
- الدائرة الثانية : الإفريقية شاء لنا القدر أن نكون فيها ، وشاء أيضا أن يكون فيها اليوم صراع مروع حول مستقبلها ، وهو صراع سوف تكون آثاره لنا أو علينا سواء أردنا أو لم نرد .. ؟
- الدائرة الثالثة : الإسلامية تجمعنا واياه روابط لا تقر بها العقيدة الدينية فحسب ، وإنما تشدها حقائق التاريخ .. ؟
ثم يشرد مع افكاره متذكرا قصة مشهورة للأديب الإيطاليّ لويجي بيراندللو Luigi Pirandello أسماها : " ست شخصيات تبحث عن مؤلف Six Characters In Search of an Author " .. !؟
ثم يحدد هدفه قائلا بالحرف : " لست ادري لماذا يخيل اليّ أن هذا الدور الذي ارهقه التجوال في المنطقة الواسعة الممتدة في كل مكان حولنا ، قد استقر به المطاف متعبا منهوك القوى على حدود بلادنا يشير الينا أن نتحرك ، وأن ننهض بالدور ونرتدي ملابسه فان أحدا غيرنا لا يستطيع القيام به " .
ثم يعود مرة أخرى لفلسطين ، فيؤكد بأنه عندما بدأت أزمة فلسطين كان مقتنعا في أعماقه بأن القتال فيها ليس قتالا في أرض غريبة ، وهو ليس انسياقا وراء عاطفة ، وإنما هو واجب يحتمه الدفاع عن النفس .
---
هذه هي المرة الثانية التي أطلع بها على الكتاب .. وعبد الناصر هو البطل في حياتي .. هناك تمثال نصفي له في غرفة المكتب في بيتي ( كان قد أهداه لي أحد أزواج شقيقاتي ) .. صورة له معلقة على أحد جدران الغرفة ( رسمها الفنان بكر المصري ) .. صندوق صغير من الفضة محفورا عليه توقيعه الشهير بزواياه الحاده ( هدية من خالتي ، وهي حصلت عليه من الرئيس جمال عبد الناصر شخصيا عندما أخذها جدي في أول أيام الوحدة بين مصر وسوريا لتحيته - جدي ( الدكتور مدحت البيطار ، وهو أحد مؤسسي حزب البعث مع الأستاذين ميشيل عفلق وصلاح الدين البيطار ( لا توجد صلة دم بين العائلتين رغم أنهما يحملان نفس الاسم ) .
كما أن والدي معجبا بالرئيس جمال عبد الناصر ، وقد تزوج بوالدتي سنة 1964 (ذروة المد الناصري) كما أن أسم شقيقتي الكبرى ( منى ) وأسمي أنا ، هما نفس أسماء بنت وأبن الزعيم الراحل .   

-------
الساعة الحادية عشر مساءا
كنت أنا وفريال نشاهد فيلم النهر الغامض Mystic River على أحد قنوات محطة MBC . كنا قد شاهدناه قبل خمس سنوات تقريبا في السينما أثناء اقامتنا بالكويت . الفيلم من إخراج كلينت ايستوود Clint Eastwood ، بطولة شون بن Sean Penn وتيم روبنز Tim Robbins . الفيلم انتاج سنة 2003 وبكلفة 30 مليون دولار . 
الفيلم يحكي قصة ثلاثة من الاطفال ( جيمي ، شون ، ديف ) يلعبون في الشارع لعبة الهوكي ثم ينصرفون إلى العبث بمسطح أسمتني على الرصيف وكتابة أسمائهم عليه ، وقبل أن يكمل ( ديف ) كتابة أسمه تقف بالقرب منهم سيارة ويترجل منها أحد الأشخاص موهما لهم بسلطته على هذا الحي وقدرته على محاسبتهم ويقوم بخطف ( ديف ) مع رجل آخر أكبر سنا ويقومان بحجزه والاعتداء عليه جنسيا لمدة أربعة أيام قبل أن يهرب بجرح عميق أورثه العزلة حتى عن اصدقائه .
بعد ثلاثين عاما " ديف : تيم روبنز " يتحدث مع أبنه في الشارع حتى يقف أمام ذلك المسطح الإسمنتي مستعيدا تلك الذكريات الحزينة وهو يقرأ أسمه الذي لم يكمل كتابته حينها . يبدو (  ديف )  زوجا هادئا ، لكنه لا يستطيع اخفاء ملامح الكآبة والاحباط اللذين يعبران عن عمق جرحه القديم ، وهذا ما ينعكس على حياته وعلاقته مع زوجته ويجعله في حالة من الحزن والحيرة .
" جيمي : شون بن " أب حان يدير محلا تجاريا ويقدم مشاعر كبيرة من الحب والعطف على زوجته وابنته من زوجته الأولى . يبدو في ظاهره شخصا قويا وصارما إلا أن هذه النفس ستنكشف عن ألم وضعف .
" شون : كيفن بيكون " ، محقق في الشرطة لا يعيش حياة مستقرة وهو ينتظر بشوق أن تعود إليه زوجته التي ترفض حتى محادثته عبر الهاتف .
يسوق القدر هؤلاء الثلاثة ليجتمعوا من جديد بعد أن اكتفوا بعلاقتهم اثر حادثة الخطف الرهيبة بمجرد البسمة الباردة وتبادل التحية عند لقاءاتهم العابرة في الحي كما يقول ( شون ) لصديقه المحقق الآخر ، حيث توكل مهمة التحقيق في مقتل أبنة ( جيمي ) إلى ( شون ) في حين أن ( ديف ) يأتي كأحد المتهمين بسبب بعض الدلائل . وسيكون المحقق ( شون ) مضطرا للتعامل عن قرب مع أصدقاء طفولته من دون أن ينسى ذلك الجرح الذي فرقهم .
ديف ) يأتي بآخر الليل ويداه ملطختان بالدماء ، يدخل للبيت وبمعونة من زوجته تنظف بقايا الدماء وتهدئ من روعه ليشرح لها قصة تبدو غير مقنعة بتاتا عن متشرد هدده بسكين فضربة على رأسه !
يبدو للزوجة بأن ( ديف ) قد نفس بجريمته عن غضبه العميق وحزنه المقيم من الحياة - شرعية العمل المباشر !
( جيمي ) مهتم بمعرفة من قتل ابنته ؟
تزداد الشكوك والاشارات بأن ( ديف ) هو من قتل ابنة ( جيمي ) - دون سند أو أدلة أو انتظار لتحقيق !
( جيمي ) يواجه ( ديف ) عند النهر ويهدده بالقتل أن لم يعترف بجريمته !
( جيمي ) يجهز على ( ديف ) ليطفئ نار غضبه وليثأر لابنته - شرعية العمل المباشر !
يهرع ( شون ) إلى ( جيمي ) لبلغه أن الأمن قد قبض على القاتل الحقيقي لأبنته !
( جيمي ) يقنع نفسه وزوجة ( ديف ) وصديقه ( شون ) - بالحوار الصامت - أن ( ديف ) قد نال جزاءه ، فهو ارتكب جريمة قتل في نفس ليلة مقتل ابنة ( جيمي ) - شرعية العمل المباشر !

-------
بعد منتصف الليل
توجهت لسريري متذكرا نداء الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر : " لم يعد أمام كل فرد حر إلا أن ينزل بنفسه إلى الشارع ويغير ما لا بد من تغييره " !
كما تذكرت نداء المفكر الباكستاني أبو الأعلى المودودي : " أن الزمن أصبح يدعو كل مسلم إلى تغير المنكر بيده " !
هكذا تقابل الغرب ( عبر سارتر العلماني الملحد ) والشرق ( عبر المودودي الإسلامي الأصولي ) على نقطة واحدة وفي زمن واحد دون قصد أو اتفاق !
أما أنا فقد استسلمت لنداء النوم !


                                                                                                                              خالد عبد الهادي
   

الثلاثاء، 30 يوليو 2013

الحريق

استأذن في إضافة عدد من الملاحظات :

1 - إن ما هو منشور أدناه لا ينتمي قطعا للشعر الكلاسيكي ، ولا أعرف أن كان ينتمي للشعر الحر !
2 - لا بد أن أعتذر لكل من يقرأ لي - ففي مقالة : " مع الشعر - أحمد شوقي " قلت بالحرف : " لم أحاول يوما أن أكتب الشعر ، و لا أظنني سأفعل " - هذا إذا كان ما هو منشور أدناه ينتمي لعالم الشعر ، أو ربما لعالم النثر ، وربما هو مزيج من الاثنان .. أو هو كما هو !
3 - أن أزمة سوريا ، جعلت الصدور ضيقة والأعصاب متوترة والأمزجة منحرفة ، وليس هناك غير سؤال واحد مطروح على كل الناس بنعم أو لا ؟ .. مع هذا أو ذاك ؟ .. هنا أو هناك ؟ 
وهذا من أسهل الحلول وأخطرها في نفس الوقت !
سهل لأنه يعفي أصحابه من حق الاجتهاد . 
وخطر لأنه ينقل هذا الحق في الاجتهاد إلى إرادات أخرى لها أغراضها ، وعندها خططها . 
4 - لقد انقسمت الأمة مرة أخرى بعد قرابة أربعة عشر قرنا من الزمان إلى " أصحاب لمعاوية " أو " شيعة لعليّ " ، وكأن محنة الفتنة الكبرى ، وتعاقب القرون بعدها لم يجعل هذه المنطقة الممتدة من الخليج إلى المحيط تتعلم شيئا ، أو تنسى شيئا !
-------

سوريا ضمن طوق الحريق ..
الأردن يخشى من امتداد الحريق ..
العراق يقوم بدور الشقيق ..
إيران أكثر من صديق ..
لبنان بين الحريق والغريق ..
-------
إسرائيل بحالة أرق ..
حزب الله بحالة قلق ..
تركيا بحالة ضيق ..
-------
بوتين في الأزمة تألق ..
نتنياهو   يصب الزيت فوق الحريق ..
أردوغان للحلول يعيق ..
-------
بعض العرب صادق ..
وبعضهم منافق ..
الشعب العربي عليهم باصق ..
الزعماء العرب : فلان أحمق ..
وعلان أخرق ..
وترتان للعقل مطلق ..
والرابع فاسق ..
والآخر بالشر يحيق ..
-------
الإرهابيون إلى الشام من كل فج عميق ..
والسلاح إلى سوريا دافق ..
عبر مئة نفق وطريق ..
قلوبهم شتى وتحسبهم فريق ..
-------
أجهزة الأنذار تدق ..
ومجال الحركة والمناورة يضيق ..
-------
دمشق ..
بانتظار معركة يلمع فيها البريق ..
ساعة الصفر ستدق ..
البعض رسم خرائط على الورق ..
قص ولزق ..
الكل اجتمع علينا من الغرب والشرق ..
ليسوق ..
في ليل غسيق ..
خططا لتمزيق الممزق ..
فتفرقنا نحل وفرق ..
وبين كل حارة وأخرى خندق ..
غميق ..  
-------
لكن الخامنئي استعد بالفيلق ..
مهددا ومتوعدا لإسرائيل بالحريق ..
حرب ستحرق اليابس والحديق ..
والكل لرؤوسهم حليق ..
فرط رعب وشهيق ..
-------
لجأنا للخالق ..
رب الفلق ..
ورب البيت العتيق ..
القاسم بالشفق ..
والليل وما وسق ..
والقمر إذا اتسق ..
رب كل شئ ناطق ..
من هذا الخنيق ..
  -------
فأنت الرحيق ..
وأنت الرفيق ..
وأنت للأعناق ..
غادق ..
بعد الإجهاد والإرهاق ..
وأنت الرازق ..
وللشر زاهق ..
ولفرعون ساحق ..
وللجبار ماحق ..
وللطاغية صاعق ..
تقبل سجودنا تحت السرادق ..
خذ علينا الميثاق ..
فلن نقول عليك إلا الحق ..
فأنت للوعد صادق ..
والمفرج بعد ضيق ..
أهدنا مستقيم الطريق ..
من هذا الحريق ..
-------
كتبت يوم الجمعة 26 أبريل 2013


                                                                                                                       خالد عبد الهادي

السبت، 20 يوليو 2013

حكاية يوم في حياتي .. 13 نوفمبر 2008

الخميس 13 نوفمبر 2008 
الساعة الخامسة فجرا
أعتبر نفسي إنسان نهاري ، فأنا معتاد على الصحو مبكرا منذ سنين طويلة ما بين الخامسة والخامسة والنصف - حتى في أيام الإجازة !
فرغت من أداء الطقوس اليومية الصباحية : حلاقة ذقني - الصلاة - شرب أربع أكواب من الماء : نصحية من رجل أعمال ياباني ( للتقليل من ضغط الدم والامساك ) - السيد آبي إندو - وهو يملك مصنعا للموكيت في مدينة أوساكا - وكان والدي وكيله - طيلة سنوات السبعينات والثمانينات - في دولة الكويت - أثناء اقامته بها .
أولادي الثلاثة : أروى ، عبيدة ونور .. أكملوا استعدادهم كي أقلهم إلى المدرسة .. ألقوا عليّ تحية الصباح وهنئوني بعيد ميلادي الثالث والأربعين بعد أن طبعوا قبلة على خدي .
كانت الشمس تقوم من مخدعها .. الجو في عمان خريفي مائلا للبرودة ، ولكنه متقلب ورياحه لا تستقر على حال .. ولكن مع سطوع الشمس كاملة مع درجة حرارة لا تزيد على أربعة عشر يجعل مزيج برودة الجو ودفء الشمس أحساسا دافقا بالحيوية - شقتي مرتفعة عن سطح البحر بأكثر من ألف متر .
الطريق من البيت للمدرسة - عدة كيلومترات - كأنه بساط مغطى بأوراق الشجر الصفراء الجافة ، والحشائش رطبة مبتلة بماء المطر الخفيف .
-------
الساعة الثامنة صباحا
لا شئ أمتع من حمام دافئ معطر ، وفنجان شاي ساخن على مائدة الافطار .. تصفحت الصحف - أنا مشترك بجريدتي الرأي الأردنية ، والحياة اللندنية -
لفت نظري خبر من واشنطن مفاده : " البنتاغون يقدم وصفات للرئيس المنتخب باراك أوباما لأول 90 يوما " .

هذا هو دور المؤسسات في العالم المتقدم لإدارة موارد الدولة وامكانياتها البشرية والمعنوية والاستراتيجية والتي هي السياسة في النهاية .. الادارة العلمية .. التنظيم .. نحن أمام مديرون أكفاء Good Managers تنظم هذه المجتمعات التي دخل العلم في كل ركن من حياتها .. الحوسبة Computerization عالم مختلف يريد مديرين ويريد مجموعات ..
تذكرت جملة للأستاذ محمد حسنين هيكل عندما قابلته في نوفمبر 2001 في مكتبه بالجيزة برفقة الأديب يوسف القعيد : " أن زعماء العالم العربي يطلبون من رعاياهم ان يتحلوا بكفاءة الزمن الإلكتروني ، أما هم فقد أصروا على الاحتفاظ لأنفسهم بسلطان الزمن القبلي " .
---
اتصل والديّ وشقيقاتي - والديّ وخمسة من شقيقاتي يقطنون في الكويت - واثنتان في عمان .
تذكروا - كرما وعهدا - أنه يوم ميلادي الثالث والأربعون .
-------
الساعة التاسعة والنصف صباحا
كنت في قاعة وحدة الوساطة ببنك الاسكان للتجارة والتمويل بالطابق الخامس .
كنت في يناير 1999 قد فتحت حسابا تجريبي في جزيرة غيرنسي Guernsey - تقع في القنال الإنجليزي وغير خاضعة للضرائب - لأتمكن من المتاجرة بالأسهم والسندات الأوروبية .
ومنذ يناير 2003 تفرغت تماما للعمل في تجارة الأسهم والسندات والمشتقات المالية المحلية والأقليمية والعالمية ، وكذلك بالمشاركة في تأسيس الشركات الغير مدرجة في الأسواق المالية ، بالأضافة إلى صناديق الأستثمار في السندات والأسهم والعقارات .
---
كان الأسبوع الحالي - في معظم أسواق المنطقة والعالم - التداول ( الأسواق العربية ) من يوم الأحد ليوم الخميس ، ومن يوم الأثنين ليوم الجمعة ( الأسواق العالمية ) - قد شهد تراجعات دامية وسط حالة من الخوف والهلع مع انعدام الثقة في صفوف المستثمرين سببها قلقهم ازاء الأزمة المالية العالمية وانحدار اسعار البترول ( رغم ضعف الدولار فإن سعر البترول سجل تراجعا دون 50 دولار ، بينما سجل قبل أربعة أشهر - في يوليو - مرتفعا لمستوى قياسي أعلى من 147 دولار للبرميل ) ، الأمر الذي يدفع بالحكومات للحد من الانفاق العام .
قمة مجموعة العشرين الاقتصادية غدا في واشنطن .. علها تكون طوق نجاة !
-------
الساعة الواحدة ظهرا
اتصلت بي قرينتي فريال ، هنئتني بعيد ميلادي .
اتفقت معي أن نخرج مساءا لمشاهدة فيلم في سينما "جراند" ( في سيتي مول ) تدور أحداثه عن قصص الجاسوسية !
عندها أبديت سخريتي : " جاسوسية يوم ميلادي ، بدلا من فيلم غرامي " !
السينما بالنسبة لفريال أكثر من ملهى فراغ وموعد للقاء !
-------
الساعة الخامسة والنصف مساءا
عشاء في مطعم " تي جي آي فرايدز " T.G.I. Friday's - وهو واحد من المطاعم الأمريكية المنتشرة في العاصمة عمان ، وقد تأسس في مارس 1965 بمدينة نيويورك ، ويمتاز بستائره الحمراء والبيضاء المخططة وديكوراته وتحفه الانتيكية الجميلة والغريبة مثل : عصا تجديف وزوج من الأحذية وغيرها .
حضر النادل في منتصف العشرينات من عمره ، مفعم بالشباب والحيوية وينتمي للجنسية المصرية .. طلبت فريال عدة أطباق منها : بي بي كيو تشيكين فلات بيريد ، وسلطة تشيكين سيزر ( مقبلات ) ، طبق : دارغون فاير سلامون ( هي تعرف نهمي للمأكوت البحرية ) ، وطبق لها : شرائح لحم الانجوس الأسود مع الروبيان .
تم توزيع الابتسامات الحلوة مع الأطباق والأكواب ، على هدهدة صوت إلفيس بريسلي Elvis Presley وأغنيته It's Now or Never انها الآن أو أبدا .
توجهنا بعدها لكافيه سكند كب Second Cup - مقهى كندي ، وقد تأسس سنة 1975 بمدينة تورينتو وهو أيضا ضمن مجموعة عالمية من المقاهي المتواجدة في عمان - طلبت فنجان من القهوة اسبرسو ، وفريال تناولت كوب من مشروب الموكا .
هذه إحدى مزايا المولات الحديثة ، المطعم والمقهى والسينما ، وأيضا المحلات التجارية وأفرع البنوك ومواقف السيارات تحت سقف واحد ، وسيتي مول الذي تم أفتتاحه سنة 2006 في عمان - من وجهة نظري - هو الأجمل . 
-------
الساعة السابعة مساءا
هذا هو الفيلم الثالث الذي نحضره في السينما للمخرج الإنجليزي ريدلي سكوت Ridley Scott ( الفليم الأول : " المصارع  Gladiator " بطولة : راسل كرو Russell Crowe ، انتاج سنة 2000  بكلفة 103 ملايين دولار . والفيلم الثاني : " مملكة السماء Kingdom of Heaven " بطولة : أورلاندو بلوم Orlando Bloom ، انتاج سنة 2005 ، بكلفة 130 مليون دولار ) .. وها نحن أمام الفيلم الثالث واسمه " كتلة من الأكاذيب  Body of Lies " ويشارك ليوناردو دي كابريو Leonardo Dicaprio البطولة راسل كرو ، وبكلفة 70 مليون دولار .
كنت قد حضرت لريدلي سكوت فيلما عبر شاشة " أم بي سي MBC " بعنوان : سقوط الصقر الأسود Black Hawk Down ، بطولة : جوش هارتنت Josh Hartnett ، انتاج سنة 2002 بكلفة 92 مليون دولار .
فيلم " كتلة من الأكاذيب " ممتع ، والحكاية مثيرة ، والمشاهد فذة .. هكذا أجبت فريال عند الانتهاء من مشاهدة الفيلم .
ريدلي سكوت هو المخرج المفضل لي من الناحية العالمية ، ويوسف شاهين المخرج المفضل لي من الناحية العربية - كنت قد قابلت يوسف شاهين أثناء زيارتي للقاهرة في سبتمبر 2003 بشقته في الزمالك ، ودام اللقاء أكثر من ثلاث ساعات وقد حضره كاملا المخرج الفذ خالد يوسف - لكن تلك حكاية أخرى .
هناك رابط بين الأفلام الأربعة : المصارع - سقوط الصقر الأسود - مملكة السماء وكتلة من الأكاذيب !
---
عملاق يتهاوى !
الفيلم الأول المصارع : رغم الموارد والإمكانات والقدرات التي تملكها الإمبراطورية الرومانية ( الجانب المضئ من القمر ) ، إلا أن علامات التفكك بدأت في الظهور ، أشبه ما تكون بعملاق فقد توازنه وأصابه الدوار ( الجانب المظلم من القمر ) !
فبعد الانتصارات التي حققها جيشها على القبائل الجرمانية ، كانت الصورة مأساة رومانية !
ضياع سياسي ، وهوان إنساني : وريث شرعي متعجل ومتلهف للسلطة ( يقتل أباه الإمبراطور في النهاية ) .. ومسلكه الشخصي مشوه ومصاب بالعقد النفسية الغائرة ( كان يريد من شقيقته أن تقاسمه الفراش ويرتكب الخطئية معها ) .. ولم يصبح إمبراطورا جديدا فقط ... وإنما اصبح إلها يملك مقادير الحياة والموت !
ومجلس شيوخ ممسك بمفاتيح الحياة ، وقد تحول إلى نقابة منتفعين !
وحكومة محتكرة للسلطة فسكتت عن تجاوزات الإمبراطور الجديد ، وأرسال معارضيه إلى السجون المظلمة والمنافي الموحشة بل والقضاء على البعض الآخر !
---
عصافير وبنادق !
الفيلم الثاني سقوط الصقر الأسود : مجاعة في الصومال .. وإحسان أمريكي ( إمبراطورية تحولت لجمعية خيرية ) .. والإحسان يستخدم القوة العسكرية .. والقوة العسكرية ترفع علمها ( لا علم الأمم المتحدة ) وتحت قيادتها ( لا قيادة الأمم المتحدة ) .. ويأتي التدخل من الرئيس جورج بوش ( الأب ) بعد خسارته أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون .. والمرشح كلينتون أعطى موافقته للعملية .. والجنرال كولن باول يضع توقيعه على أمر النزول على الشاطئ الإفريقي !
وسيلة جديدة لتقديم رغيف خبز للجائعين من فوهة مدفع دبابة .. !
---
أوهام القوة .. والنصر !
الفيلم الثالث مملكة السماءالقرن الثاني عشر الميلادي .. الحروب الصليبية .. القدس : ملتقى كل الرسالات ، ومطلب كل الإمبراطوريات ، وزينة كل العصور .. نداء القدس غلاب ، نافذا من الآذان إلى أعماق أعماق الوجدان مختلطا بأصداء الأناشيد والترانيم والصلوات والدعوات .. صلاح الدين .. حطين .. الجو المشحون بعطر الأديان .. عبق التاريخ .. روائح الدم : دم القديسين والشهداء والمغامرين ..
يقظة الشعوب ، ومحاولة المحتل أن يصد تيار اليقظة الجارف .. لكن الحرية تحركت ، والمحتل يحاول أن يشل تقدمها .. لكن الحرية تنتصر والمحتل ينهزم ..
---
العالم العربي مسرح استعراض !
الفيلم الرابع كتلة من الأكاذيب :  العالم العربي .. المخابرات الأمريكية .. المخابرات الأردنية .. عناصر جهادية إرهابية .. ملاحقات ومطاردات .. فخاخ ومصايد .. اخلاص وتعاون .. مخاطر وأحاسيس .. تقاليد وتعايش وعواطف .. تضحيات ووسائل كارثية .. مركبات النقص والزيادة ..
يبقى القول المنسوب للسياسي الهندي جواهر لال نهرو صادقا : " إن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية هي القوة الشريرة الملعونة في زماننا المعاصر " .
لكن الأهم إن العالم العربي تحول إلى مسرح استعراض لكل رئيس أمريكي ولكل إدارة أمريكية ولكل جهاز أمني أمريكي .. وكلها لمطالب ذاتية سهلة ولدواعي انتخابية ! 
الجريمة أصبحت مرادفة للعمل السياسي .. والمؤامرة مرادفة للعمل الدولي !
---
في هذا كله أين ريدلي سكوت ؟
هو يبدو لي يساري معتدل وليبرالي مستنير ، ومعارض لحماقة القوة الأمريكية !
في فيلمه الأول أرجع سبب انهيار الإمبراطوريات لأسباب في الداخل برغم الانتصار على الأعداء في الخارج !
في فيلمه الثاني إدانة للتدخل الأمريكي في شؤون الدول تحت شعارات براقة غالبا مخادعة !
في فيلمه الثالث المقاومة ضد المحتل وانتصارها حتمية تاريخية !
في فيلمه الرابع إدانه للعمل الخفي والأجهزة الأمنية الأمريكية التي تعرضت لجميع المشاكل الدولية ورسمت حلولا لها ، على الورق - وشتان بين ما يجرى على الطبيعة وما يرسم على الورق !
-------
الساعة العاشرة مساءا
كنت أطل على شاشة التليفزيون متابعا برنامج " مع هيكل : تجربة حياة " على قناة الجزيرة - كعادة كل يوم خميس منذ 8 يوليو 2004 .
الليلة سيقدم الأستاذ هيكل أول حلقة ضمن المجموعة السادسة : طلاسم 67 - وكانت بعنوان : الحقيقة لأصحابها .
كنت - ولا زلت - أستمع إليه في انبهار وشبه خشوع ..
رجلا تجاوز الخامسة والثمانون عاما من عمره المديد ، ولديه طاقة مذهلة على العمل وطاقة هائلة على التحمل !
ولقد صاحب القلم الذي عشق والورق الذي أرهق لمدة تجاوزت 66 عاما من الكتابة !
له حافظة لا تزال على سنه قوية .. وروعة التفاصيل الصغيرة والقلم الذي ينافس العدسة ويتخطاها ، لأنه مشاعر وملاحظات ، إلى جانب كونه عينا ثاقبة وحدقة واسعة .. وهو يعكس منذ أكثر من نصف قرن مرآة الفكر والعقل المصري والعربي على أقدر ما يكون ، برغم كونه معارضا أو ألمع المعارضين ..
وقد علمته السنوات الطويلة التي قضاها في العمل الصحافي ، أن لكل بناء أربع زوايا ولكل قضية عدة وجوه ، ولكل إنسان قناعته .
رجلا واسع الثقافة .. بل هو غابة بشرية !
الأستاذ هيكل يتنقل على أغصان التاريخ ولا يكف عن التغريد !
متى يكتب الأستاذ هيكل سيرته بأناقته المعروفة وحرصه المشهور ؟
-------
الساعة الحادية عشر مساءا
لا أعرف لماذا جلست خلف مكتبي مستعينا بكتاب " إيران فوق بركان " وهو أول كتاب للأستاذ هيكل ..
الكتاب صدر سنة 1951 ( الكتاب الوحيد للأستاذ هيكل الذي صدر في عهد الملك فاروق ) .. وهو يقع في 185 صفحة من القطع الصغير . والكتاب يغطي أزمة البترول الإيرانية عام 1951 . وقد قضى الأستاذ هيكل قرابة شهر في إيران ، وسافر إلى كل أنحائها ، من جولفا على الحدود الروسية إلى عبدان على الخليج الفارسي ، وقابل كل قياداتها من السياسيين أمثال " السيد ضياء الدين طباطبائي " ، و " أحمد قوام السلطنة " ، ورئيس الوزراء " الدكتور محمد مصدق " بطبيعة الحال ، وأهم رجل من رجال الدين الشيعة في ذلك الوقت ومؤيد " مصدق " المتحمس " آية الله العظمى أبو القاسم كاشاني " . وأيضا دارت أول أحاديثه مع الشاه محمد رضا بهلوي ، كما تعرف على شقيقته التؤام الأميرة " أشرف " ، التي كان زوجها - صديقا للأستاذ هيكل - أحمد شفيق - وهو ابن المؤرخ المشهور أحمد شفيق باشا ( صاحب كتاب : حوليات مصر السياسية ويقع في 9 أجزاء ) - وكان زوجها مديرا للطيران المدني في إيران .
------
منتصف الليل
فرغت من الكتاب ( طالعته ربما أكثر من سبع مرات منذ أن استقر في مكتبتي سنة 1995 ) ..
تسللت إلى مخدعي ..
جسد متعب .. وعيون شبه مفتوحة .. خيال نعسان .. تهويمات النوم .. حديث شريف للنبي الأعظم محمد " إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف " يعبر فيما تبقى من يقظة كالخيال الطارق ..
ونحن استبدلنا هذا الحديث ، بآخر ونسبناه للأحاديث الشريفة " الجنة تحت أقدام الأمهات " .. !
والدين جاء بثورة إعصار ضد الطغيان والاضطهاد والعبودية ، رافعا من شأن العقل والتوحيد والتحرر .. !
ولكننا آثرنا الانحناء والركوع والسجود وتقبيل اليد والقدم والأرض .. !
---
كالحجر الثقيل ألقيت في بئر النوم العميق .. وغصت فيه !


                                                                                                                       خالد عبد الهادي
      

السبت، 11 مايو 2013

حوليات هذا الزمان : تأملات في الفلسفة والأدب والسياسة والإجتماع والتاريخ والفكر

توضيح :
لا بد مقدما من الاعتذار للأستاذ محمد حسنين هيكل ، لأني لن أذكر له ضمن " حوليات هذا الزمان " قولا منسوبا له !
وذلك بسبب أنني قد خصصت ضمن هذه المدونة صفحة كاملة لكل أقواله تحت عنوان : من أقوال الأستاذ محمد حسنين هيكل
-------

* سيأتي العهد اليهودي حتما إذا ظل العالم العربي على تأخره وتفككه الحاضرين .
 شارل مالك - مفكر وسياسيّ لبنانيّ - في تقريره لوزارة الخارجية اللبنانيّة يوم الجمعة 5 أغسطس 1949 

غُلبوا على أعصابهم ، فتوهّموا       أوهام مغلوب على أعصابه
 أحمد شوقي - من أشهر شعراء مصر والعالم العربيّ - قصيدة : ذكرى كانارفون

* أذكر أن الضرب في ذلك الزمان كان مباحا ، حتى ضرب العمد والأعيان ! وكان هذا بعض ما يحدث في القرى المصرية من القسوة و الاستبداد ..
 أحمد لطفي السيد - أديب وصحافيّ مصريّ - كتاب : قصة حياتي

* أمضيت بعد الرئيس الأربعون ؟       عجبا كيف إذن تمضي السنون 
 عبّاس محمود العقّاد - شاعر مجدّد ، ناقد ، صحافيّ مصريّ - قصيدة : الأربعون      

* لماذا أدون حياتي في يوميات ؟ ألأنها حياة هنيئة ؟ كلا ! إن صاحب الحياة الهنيئة لا يدونها ، إنما يحياها .
 توفيق الحكيم - أديب مصريّ من كبار كتّاب العرب المعاصرين - كتاب : يوميات نائب في الأرياف

* أشرقت في الدجى فلاح النهار       واستنارت بنورها الأسحار
 كتاب : ألف ليلة وليلة - من حكايات الملك شهريار وأخيه الملك شاه زمان

* البغض والخوف هما توأما الجهل .
 أمين الرّيحانيّ - أديب لبنانيّ - كتاب : ملوك العرب

* إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ .
 القرآن الكريم - سورة الحج ( مدنيّة ) - الجزء السابع عشر - آية 38  

* قصص كفاح الشعوب ليس فيها فجوات يملؤها الهباء أو كذلك ليس فيها مفاجآت تقفز إلى الوجود دون مقدمات .
ان كفاح أي شعب ، جيلا بعد جيل ، بناء يرتفع حجرا فوق حجر ..
وكما أن كل حجر في البناء يتخذ من الحجر الذي تحته قاعدة يرتكز عليها ، كذلك الاحداث في قصص كفاح الشعوب ..
 جمال عبد الناصر - رجل دول مصريّ ورائد عربيّ - كتاب : فلسفة الثورة

* ليس بالخبز وحدهُ يحيا الانسان .
 العهد الجديد - إنجيل متّى - الاصحاح الرابع - آية 4

* الناس أربع :
- الضعفاء الذين يقابلون مصائب الوطن بالبكاء وبأن يقولوا : " لا حول ولا قوة إلا بالله "
- النفعيين الذين ملأوا جيبوهم ثم قالوا : " لا داعي للعجلة ، كل شيء يتم بالتطور البطيء "
- الجبناء الذين يعترفون بفساد المجتمع إذا ما خلوا لأنفسهم حتى إذا خرجوا إلى الطريق كانوا أول من يطأطئ رأسه لهذه المفاسد ...

- الأبطال الذين يجابهون المعضلات العامة ببرودة العقل ولهيب الايمان ، ويجاهرون بأفكارهم ولو وقف ضدهم أهل الأرض جميعا ، ويسيرون في الحياة عراة النفوس .
 ميشيل عفلق - مفكّر وسياسيّ سوريّ - كتاب : في سبيل البعث

* اتحاد سورية والعراق موضوع قديم عالجته جميع الاحزاب والاشخاص والحكومات . سئل فاضل الجمالي عن اجتماع له في " برمانا " معي بحث فيه موضوع اتحاد سورية والعراق . وقد جرى هذا الاجتماع خلال شهر يونيو عام 1954 . ومن الواجب القومي المفيد في تاريخنا السياسي المعاصر أن أوضح هنا أن موضوع اتحاد القطرين ( سورية والعراق ) قديم فكرة الوحدة العربية لدى جميع من اشتغل بالسياسة العامة في البلاد العربية .  
 صبري العسلي - سياسيّ سوريّ - في بيانه : " عن موقفه مما حدث فى محاكمات بغداد " - الأهرام عدد يوم الثلاثاء 7 أكتوبر 1958

* الاشتراكية لن تموت ! موجودة ، وستعود من جديد ، حتى في البلدان التي كانت حاكمة فيها على اساس التجربة العملية نفسها .
ستجد الجماهير الفرق بعملهم ، وليس بالكتب . ستجد الفرق بعملهم ... بحياتهم ... ما هي الرأسمالية ... سيرونها عمليا ! 
 خالد بكداش - سياسيّ سوريّ - في حديثه مع عماد ندّاف 

* انقضت خمس سنوات قصار ، منذ عاش العالم ، أزمة تعتبر من أخطر الازمات التي مر به بعد انتهاء الحرب العالمية الاخيرة ، وقد اهتزت بريطانيا من هذه الأزمة التي أصابتها بالتشنج ، والتي أنهت - بصورة مباغتة وفجائية - الحياة السياسية الطويلة البارزة لرئيس وزرائها ، وعرضت حكومته لقرار الادانة الذي أصدرته غالبية العالم . وكان ثمن هذه الهزة ، على صعيد المال وحده ، خسارة تفوق المائتين والخمسين مليونا من الجنيهات ، ولم تعوضها وتنقذ البلاد من كارثة تدهور جنيهاتها ، إلا القروض الامريكية العاجلة . وانطوت الأزمة كذلك على بعض الاتهامات الخطيرة للغاية ، والتي لا يمكن للإنسان أن يتصور توجيهها إلى حكومة ديمقراطية ألزمت نفسها بالحفاظ على السلام ، والولاء لميثاق الامم المتحدة .
 أرسكين تشيدرز - كاتب ايرلندي ، مراسل بي بي سي وموظف مدني كبير بالأمم المتحدة - كتاب : الطريق إلى السويس

* لقد تخلوا عني في الساعة الحاسمة ، لقد كان أضعفهم قلبا بعد السويس ، هم الأشد اندفاعا وتحريضا قبل الحرب !
 أنتوني إيدن - سياسي بريطاني - كتاب : مذكرات إيدن - الدائرة الكاملة  

* انظر إلى الرجل العظيم ، إذا هوى انفض من حوله أحبائه . والفقير إذا ارتقى ، انقلب أعداؤه أصدقاء . 
 ويليام شكسبير - شاعر مسرحيّ انكليزيّ في مصاف رجال الأدب العالميّ - كتاب : هملت ( أمير دانمركة )   

* ان تاريخ جميع المجتمعات إلى يومنا هذا لم يكن سوى تاريخ النضال بين الطبقات .
فالحر والعبد ، والنبيل والعامي ، والسيد الاقطاعي والقن ، والمعلم والصانع ، أي بالاختصار المضطهدون والمضطهدون ، كانوا في تعارض دائم ، وكانت بينهم حرب مستمرة تارة ظاهرة وتارة مستترة ، حرب كانت تنتهي دائما إما بانقلاب ثوري يشمل المجتمع بأسره وإما بانهيار الطبقتين المتصارعتين معا .
 كارل ماركس فيلسوف اجتماعيّ ألمانيّ ) وفردريك انجلز ( اشتراكي وفيلسوف ألمانيّ ) - كتاب : البيان الشيوعي

* كم من القرون مضت لم تهز العالم فيها ديانة كبرى ؟ هذه أول حضارة ( أميركا ) تستطيع أن تعم الأرض كلها ، ولكنها لا تستطيع أن تبتكر لنفسها المعابد والقبور .
 أندريه مالرو - أديب ودبلوماسيّ فرنسيّ - كتاب : المذكّراتُ المُضادّة

* هالني فيما هالني ما لمسته من فتور في أمانة الذين نصبوا أنفسهم لتسجيل الحوادث ، ومن ضعف في ذاكرة الذين شهدوا هذه الحوادث بل الذين حيوها حياة ، ضعف طبيعة أو ضعف حساب ، ومن افتقاد ملكة التقدير الصحيح عند جمهور الرأي العام بل عند الفئات النابهة من هذا الرأي العام ، ومن فشو الظلم في مؤاخذة الناس ، وعدم توافر الانصاف في الحكم على الأقدار ، وعدم سمو الخصومة على التدني إلى الاختلاق واستغلال المنحط من الغرائز والالتجاء إلى السافل من الوسائل .
 محمود عزمي - كاتب مصري - كتاب : على هامش التاريخ المصري الحديث - عهد وزارة عليّ ماهر باشا ( 30 يناير - 9 مايو 1936 ) : الأيامُ المئة  

* طرقت الباب الخشبي . ولم يستجب أحد . ضغطت على الجرس الكهربائي . ولم يستجب أحد . واصلت الضغط والطرق حتى فتح لي أحد معاوني الخدمة من المصريين ، وبدا كشخص نهض للتو من فراشه ونزل مرغما من طابق علوي وعلى عجل حتى أنه نسى إعداد هيئته لاحتمال أن يكون الطارق على الباب شخصا غريبا . وبعد كلمات قليلة قدمت نفسي بما يسمح لي بالدخول . وصعد معي إلى الطابق الأول حيث تركني بعد أن نطق بما يشبه الاعتذار عن عدم وجود أحد ، لأن "البهوات" لا يحضرون هكذا مبكرا . ونظرت إلى ساعتي مرة أخرى فوجدتها تتجاوز الثامنة بقليل .
 جميل مطر - كاتب ومفكر مصري مهتم بقضايا الإصلاح والتحول الديمقراطي - كتاب : أوّل حكاية : حكايتي مع الدبلوماسية

* آن الاوان أن نفكر فيما لا نجرؤ أن نفكر فيه . 
آن الأوان أن نتحلل من محاذير كثيرة ، طالما وقفت عقبة أمام قدرتنا على التصور . 
لم نعد نملك أن نفكر بعقلية القرون الوسطى ، حيث هناك محاذير على الفكر ، لأن هناك محاذير على القول . 
آن الأوان ألا نقصر محاور المستقبل على محاور الماضي ، وألا نرفض مسبقا ما لا يستمد أحقيته أو شرعيته من أوضاع استقرت في الماضي .  
 محمد سيّد أحمد - مفكر يساري مصري - كتاب : بعد أن تسكت المدافع

* كان الموقف الدولي يسمح للولايات المتحدة في أن تستفيد من صدام عسكري مسلح في منطقة الشرق الأوسط ، يؤدي إلى إضعاف موقف عبد الناصر ، ويعطي الاتحاد السوفيتي " درسا " يؤثر به على موقفه من تأييده للدول العربية ، ويزيد من حدة الاستقطاب الدولي ، قبل بدء مرحلة الوفاق أو الانفراج الدولي ، وكان يمثل هذه السياسة ليندون جونسون ووزير خارجيته دين راسك .
 حمدي فؤاد - كاتب شغل منصب رئيس القسم الدبلوماسي بجريدة الأهرام - كتاب : الحرب الدبلوماسية بين مصر وإسرائيل

* صباح التاسع عشر من نوفمبر عام 1963 ، تلقيت رسالة من امرأة من مدينة دلاس ، في تكساس . 
كتبت المرأة في رسالتها : " لا تدع الرئيس يحضر إلى هنا . إني قلقة من أجله . واعتقد أن شيئا رهيبا سيحدث له . " وفي ذلك اليوم أجبتها بالرد التالي : " اقدر لك اهتمامك بسلامة الرئيس ، ولكن سيكون اليوم الذي لا يستطيع الرئيس فيه زيارة أية مدينة في الولايات المتحدة دون أن يخشى وقوع أعمال عنف ، سيكون ذلك اليوم ، يوم حزن البلاد . واني لواثق بأن الشعب في دلاس سيرحب به بحرارة . " لم أطلع الرئيس على الرسالة ، ولم احدثه بشأنها ، ولكن التاسع عشر من نوفمبر عام 1963 كان آخر يوم شاهدته فيه حيّا . 
 بيير سالينجر - السكرتير الصحافي للرئيس جون كينيدي - كتاب : مع كينيدي

* إن القناة اليوم - بعكس ما قد يظنه المرء - تعتبر أكثر أهمية من أي وقت مضى . أنها هامة لمصر ، وللدول المصدرة للبترول وللاقتصاد العالمي وللسلام العالمي وللازدهار ككل . إنه لأمر هام اليوم وغدا أكثر من قبل : ما يحدث للقناة أو حولها وما يؤثر على أمنها واستمرارها وتطورها ، إذا وضعنا في الاعتبار نمو التجارة العالمية حاليا ومستقبلا . 
 محمود فوزي - سياسي مصري - كتاب : حرب السّويس 1956  

* رأيت العديد من العرب الذين يتصدرون الحديث عن القضية ، ومنهم عدد من المسؤولين ، بحاجة إلى معرفة الكثير عنها ، ولمست الأخطاء الجسيمة التي يقعون فيها بسبب عدم درايتهم بكافة المراحل التي مرت بها القضية ، والأدهى من هذا أنني لاحظت مدى تأثرهم بالدعاية الإسرائيلية ، فردد البعض ما تدعيه إسرائيل بأن مصر هي التي بدأت عدوان عام 1967 ، ولم يطلعوا على ما كتبه القادة العسكريون في إسرائيل بأنهم بدأوا منذ عام 1957 في الإعداد للعدوان الإسرائيلي في عام 1967 .  
 محمود رياض - ضابط وسياسي مصري - كتاب : مذكرات محمود رياض 1948 - 1978

* اعترف السادات نفسه في كتابه "البحث عن الذات" بأنه لم يبلغ أحدا سواي ، وذكر ايضا أنني كنت ضد مبادرته منذ البداية . 
وكان رفضي التام مبنيا على معايير محددة تماما ، فأنا رجل واقعي ، وتقييمي لأي تحرك سياسي جديد مبنيّ على تحليل للأرباح والخسائر ، فكيف يمكن أن تربح بلادي والأمة العربية من نتيجة هذا التحرك ؟ وما هي الآثار العكسية التي سوف تنجم عنها ؟ ولابد أن أوضح هنا أن رفضي لمبادرة السادات كان يرجع منذ الوهلة الأولى إلى اقتناعي بأن هذه الزيارة في حد ذاتها لا مراء ستؤثر تأثيرا عكسيا على أمور حيوية ثلاثة وهي : الأمن القومي المصري ، وعلاقة مصر بالدول العربية الأخرى وتكاملها معها ، وزعامة مصر للعالم العربي . ولم يكن السادات قد أخذ في اعتباره أيا من هذه القضايا . وفضلا عن ذلك ، لم يستطع السادات أن يقنعني بأن فوائد الرحلة إلى القدس سوف تفُوق نتائجها العكسية .   
 إسماعيل فهمي - سياسي مصري - كتاب : التفاوض من أجل السلام في الشرق الأوسط

* التاريخ هو الفرق بين الانسان الواعي ، وغير الواعي ..
الانسان غير الواعي لا يرى إلا قطعة الجبن .
ولكن الانسان الواعي يرى قطعة الجبن ، ويرى المصيدة !
 أحمد بهاء الدّين - صحافي مصريّ - كتاب : ايّامٌ لها تاريخ  

* أنت تفنى
ولكن كل قول منك يبقى حبرا ..
على ورق .
أنت تفنى والحبر خالد ،
.. وأنت تصمت إلى الأبد
والحبر يتحدث إلى الأبد ،
بلسانك
 أحمد زكي - أول رئيس تحرير لمجلة العربي الكويتية - كتاب : الحرية

* الإنسان وهو مرعوب قد يقف عقله ويهرب بجسده ، أو قد يحدث العكس فيتسمر بجسمه في مكانه ويهرب بعقله ، والعقل في جريانه المفزوع لا يتقيد بأي معقول . 
 يوسف إدريس - روائي وأديب مصري - كتاب : الحرام  

* أليس من المحزن أن يكون لنا جدّ مثل هذا الجد دون أن نراه أو يرانا ؟ أليس من الغريب ان يختفي هو في هذا البيت الكبير المغلق وأن نعيش نحن في التراب ؟! واذا تساءلت عما صار به وبنا إلى هذا الحال سمعت من فورك القصص ، وترددت على أذنيك أسماء أدهم وجبل ورفاعة وقاسم ، ولن تظفر بما يبل الصدر أو يريح العقل . قلت إن أحدا لم يره منذ اعتزاله . ولم يكن هذا بذي بال عند أكثر الناس ، فلم يهتموا منذ بادئ الأمر إلا بأوقافه وبشروطه العشرة التي كثر القيل والقال عنها ، ومن هنا ولد النزاع في حارتنا منذ ولدت ، ومضى خطره يستفحل بتعاقب الأجيال حتى اليوم ، والغد . 
 نجيب محفوظ - روائيّ مصريّ من كبار كتّاب القصّة العصريّة - كتاب : أولاد حارتنا  

* هذا الاحساس بأن الفن العظيم لا وطن له وأن الأدب العظيم لا وطن له وأن الفكر العظيم لا وطن له ، وأن هناك تركة من التراث المشاع بين جميع بني الانسان ، لا تجده أوضح وأشمل ما يكون إلا في باريس بالذات وبين الطبقات المثقفة وحدها في عواصم البلاد الاخرى .
 لويس عوض - مفكر مصري - كتاب : الثورة والأدب

* لا اقصد إلى سرد أعمال العنف السياسي ، منذ جريمة مقتل الخازندار التي ارتكبها الإخوان المسلمون ، في الأربعينات ، والتي كانت فاتحة عمليات الاغتيال السياسي في مصر المعاصرة ، إلى عنف الجماعات الإسلامية بتنظيماتها المختلفة وانشقاقاتها العديدة الذي بلغ ذروته في جريمة اغتيال الرئيس السادات ، وامتد حتى نهاية التسعينات في موجات متلاحقة ، تروع أمن مصر ، وتهدد أقباطها كي تزرع الفتنة في البلاد ، وتضرب فرص نموها الاقتصادي كي تزيد مصاعب الناس والحكم ، وتطارد مسئوليها ، وترهب كتابها ومفكريها ، وتقيم في عدد من محافظات الصعيد وبعض أحياء القاهرة العشوائية دولة داخل دولة داخل الدولة ، تجبي المكوث وتفرض الجزية ، وتزاحم بسلطانها سلطان الدولة ، تراقب الأسواق ، وتمنع الأعراس ، وتلاحق سرائر الناس بحثا عن المنكر ، وتنصب في كل قرية ونجع أميرا لم يبلغ سن الحلم ، نصف جاهل ونصف متعلم ، يفتي في أمور الدين والدنيا !  
 مكرم محمد أحمد - صحافي مصري - كتاب : مؤامرة أم مراجعة حوار مع قادة التطرف في سجن العقرب  

* لقد قال بعضهم : " خير للمرء أن يحيا وحيدا من أن يتزوّج امرأة كانت جارية رقيقة في بيت كبير " . ولكن حين قال لأبيه : " ألن يُقدّر لي أن أمتلك امرأة أبد الدهر ؟ " . أجابه ابوه : " عندما تكلّف الأعراس ما تكلّفه في هذه الأيام العصيبة ، وعندما تطالب كلّ امرأة بالخواتم الذهبية والثياب الحريرية قبل أن ترتضي الرجل بعلا لها لا يبقى أمام الفقراء إلا الزواج من الجواري الرقيقات " . 
 بيرل باك - روائية أميركية - كتاب : الأرض الطيّبة   

* الحقيقة أن الأفكار الاقتصادية هي دائما وفي الأساس نتاج لزمانها ومكانها ، ولا يمكن النظر إليها منفصلة عن العالم الذي تفسره . ومثلما يتغير العالم - وهو في الواقع في تحول مستمر - كذلك فإن هذه الأفكار لابد أن تتغير أيضا إذا أريد لها أن تحتفظ بأهميتها . وفي الأعوام المائة الأخيرة أحدث قيام الشركات العملاقة ، ونقابات العمال ، والكساد الاقتصادي ، والحرب ، والوفرة المتزايدة وتعاظم تشتتها ، والطبيعة المتغيرة للنقود ، والدور الجديد والمتصاعد للبنوك المركزية ، وتضاؤل دور الزراعة مع التوسع العمراني المقابل ، وتفاقم الفقر في المدن ، وصعود دولة الرفاهة ، والمسؤولية الجديدة التي تضطلع بها الحكومة عن الأداء الاقتصادي في مجموعه ، وظهور الدول الاشتراكية ، أحدثت هذه الظواهر جميعا تغييرا مثيرا - بل ثوريا - في الحياة الاقتصادية . ومع تغير مادة بحث علم الاقتصاد تغير الموضوع بالضرورة .     
 جون كينيث جالبربث - عالم اقتصاد أميركيّ - كتاب : تاريخ الفكر الاقتصادي الماضي صورة الحاضر

* اننا نضيف إلى كل الجهود الرامية إلى حل الأزمة مبادرة مصرية جديدة نعتبر العمل بمقتضاها مقياسا حقيقيا للرغبة في تنفيذ قرار مجلس الأمن . إننا نطلب أن يتحقق في هذه الفترة التي نمتنع فيها عن إطلاق النار انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية على الشاطئ الشرقي لقناة السويس ، وذلك كمرحلة على طريق جدول زمنى يتم بعد ذلك وضعه لتنفيذ بقية بنود قرار مجلس الأمن ، إذا تحقق ذلك ، في هذه الفترة ، فإننا على استعداد البدء فورا في مباشرة تطهير مجرى قناة السويس وإعادة فتحها للملاحة الدولية ولخدمة الاقتصاد العالمي . ونحن نعتقد أننا بهذه المبادرة ننقل جهود السفير جونار يارنج من الألفاظ الغامضة الى الاجراءات المحددة لتنفيذ قرار مجلس الأمن . ونفعل ذلك بطريقة يمتد أثرها إلى صالح كل الدول التي تأثر اقتصادها بإغلاق قناة السويس بسبب العدوان الإسرائيلي ونتيجة لإرهابه .
 أنور السادات - ضابط وسياسيّ مصريّ - بيان إلى مجلس الأمة يوم الخميس 4 فبراير 1971

* وماذا بمصر من المُضحكات       ولكنه ضحكٌ كالبُكا
 أبو الطيّب المُتنبّي - من كبار شعراء العرب - قصيدة : ضحك كالبكاء

* إن الغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل .. فالحكايات إذ هي مظنة الكذب ومطية الهذر .. والكذب متطرقا للخبر بطبيعته . وله أسباب تقتضيه . فمنها التشيعات للآراء والمذاهب ، فإن النفس إذا كانت على حال الاعتدال في قبول الخبر أعطته حقه من التمحيص والنظر ، حتى تتبين صدقه من كذبه ، وإذا خامرها تشيع لرأي أو نحلة قبلت ما يوافقها من الأخبار لأول وهلة، وكان ذلك الميل والتشيع غطاء على عين بصيرتها عن الانتقاد والتمحيص، فتقع في قبول الكذب ونقله .. ومنها الذهول عن المقاصد ، فكثير من الناقلين لا يعرف القصد بما عاين أو سمع وينقل الخبر على ما في ظنه وتخمينه فيقع في الكذب .. ومنها الجهل بتطبيق الأحوال على الوقائع لأجل ما يداخلها من التلبيس والتصنع فينقلها المخبر كما رأها، وهي بالتصنع على غير الحق في نفسه . ومنها تقرب الناس في الأكثر لأصحاب التجلة والمراتب .. ومنها الجهل بطبائع الأحوال في العمران ، فإن كل حادث من الحوادث ذاتا كان أو فعلا لا بد له من طبيعة تخصه في ذاته وفيما يعرض له من أحواله ، فإذا السامع عارفا بطبائع الحوادث والأحوال في الوجود ومقتضياتها، أعانه ذلك تمحيص الخبر على تمييز الصدق من الكذب !
 عبد الرحمن ابن خلدون - مؤرّخ وفيلسوف اجتماعي عربي - كتاب : مقدمة ابن خلدون


* قد يرى ذووا القلوب الرحيمة أن هناك طريقة بارعة ، لتجريد العدو من سلاحه أو حتى تدميره دون الكثير من سفك الدماء ، وقد يتصورون أن ذلك هو الهدف الحقيقي لفن الحرب . لكن ورغم الصورة البراقة لهذه الفكرة فلا بد من كشف هذا الزيف ، فالحرب عمل بالغ الخطورة ، والاخطاء التي تسببها الطيبة والسذاجة هي من أسواء الاخطاء .
 كارل فون كلاوزفيتز - قائد بروسيّ خبير بفنون الحرب - كتاب : عن الحرب  

* لقد مكنتني مهنة الصحافة من أن أتناول العشاء مع ملوك ومتشردين ، وأن أعرف لفيفا من الجنرالات وطائفة من الساسة و " حافظة " من رجال المال ، من صنف روتشيلد . لقد أتاحت لي أن اشاور الباباوات واطباء السحر ، وأن أطير مع الحجاج من مكة ومع خبراء المتفجرات إلى إسرائيل . لقد رأيت رجال القبائل الباثانيين ( من الافغانيين ) في ممر كوهات ، ينحتون البنادق من قضبان السكك الحديدية واطارات سيارات النقل المسروقة . وتناولت الغداء مع هيئة اركان الكاوداي ، وهي احدى منظمات المقاومة ضد فرنسا في فيتنام . والتهمت الضأن السمين اللية في طشقند مع المفتي الكبير في آسيا الوسطى .
لقد قمت بترجمة خطاب بيركليس الجنائزي إلى الالمانية لبعض البولنديين المنشفيين في قطار إلى كراكاو ، وحلقت ثماني مرات حول القطب الجنوبي مع القائد العام للقوات الأمريكية في المحيط الهادي . 
 سايرس سالزبيرجر - صحافي أمريكي وعضو في الأسرة التي تملك صحيفة نيويورك تايمز - كتاب : آخر العمالقة

* لم أكن أهتم بالدين في صغري ، حيث كانت والدتي تحاول أن تثير ذلك في نفسي مرارا . لقد بدا لي - وما زال يبدو لي - بأنه من الصواب الاعتقاد بأن الله لم يختر اليهود بل أن اليهود كانوا أول أناس اختاروا الله ، أول شعب في التاريخ صنعوا شيئا ثوريا حقيقيا ، ولقد كان ذلك الخيار الذي جعلهم فريدين .
 جولدا مائير - سياسيّة إسرائيليّة - كتاب : حياتي

* وعندما غادرنا نطاق جبل الهيكل ، تم وضع ميكرفون أمامي لكي أقول بعض الكلمات في هذه المناسبة التاريخية ، وكان نص الكلمة هو : " ها نحن أولاء قد عدنا إلى أراضينا المقدسة ، ولن نخرج منها أبدا ، وأما بالنسبة لجيراننا العرب فأقول إن إسرائيل تمد ذراعها بالسلام ولكل الناس المخلصين والأوفياء ، ونحن نضمن لهم حرية الديانة ، وكافة الحقوق الدينية . فنحن لم نأتي لانتزاع المناطق الدينية المقدسة من غيرنا ، ولكن لكي نضمن ونحقق وحدة المدينة المقدسة ، ولكي نعيش فيها مع غيرنا في انسجام وتآلف " . 
 موشي ديان - قائد عسكري وسياسي إسرائيلي - كتاب : قصة حياتي

* كنت ألاحظ بوضوح ، تململ كثير من مواطنينا الاذكياء ، وشكهم حيال ما ينشره رجال دولتنا الرسميين ، من تفسيرات للعديد من الازمات السياسية التي مرت بها بلادنا ، ومنها تلك التي نشرها روبرت كنيدي حول الازمة الكوبية عام 1962 . فلقد حاول السيد كنيدي فيها أن يضفي مسحة شاعرية على أولئك الرجال الذين اتخذوا تلك القرارات ، بعدما أمضوا ساعات طوال وهم سجينو احدى قاعات البيت الابيض ، يتأملون تراثنا المجيد ومبادئنا الاخلاقية السامية ، وقد انتابهم الاسى حيال الغدر الروسي في كوبا ( وكأنه قد بان لهم ذلك فجأة دون أن يحسبوا له حسابا ! ) .
 مايلز كوبلاندموسيقار أمريكي ورجل أعمال وضابط وكالة المخابرات المركزية - كتاب : لعبة الأمم

* وشاء الله سبحانه ، أن أحضر قبل موتي أخلد لحظة من لحظات التاريخ ، ساعة أن أعلن الرئيس المفدى جمال عبد الناصر للملأ كله انتهاء شركة قناة السويس وإدارة القناة بمعرفة هيئة مصرية شرفني بعضويتها . في مساء 26 يوليو سنة 1956 ، قضى الرئيس بجرة قلم على استعمار الغرب للشرق ، ومحا من سجل الزمن وصمة عار .
 مصطفى الحفناوي - قانوني مصري - كتاب : قضية قناة السويس

* في فعل الانتظار نجرب مرور الزمن في شكله الأنقى .
 صمويل بيكيت - أديب ايرلنديّ - كتاب : في انتظار جودو

* صغار السن ، كثيرو الثقة بالناس ، إنهم يحسبون أن كل إنسان يعرفونه ويحبونه هو في الحقيقة كما يظهر لهم ، ولا يعرفون خبايا النفس البشرية والشر الذي يمكن أن تكنّه .   
 أجاثا كريستي - أديبة انكليزية اشتهرت برواياتها البوليسيّة - كتاب : ابنة الفراعنة

* قد حرصت وأنا أعيد صياغة حجم الكتاب ليصل حجمه إلى الحجم المعتاد - ألا أخل بأي شيء .. لا الفكرة الأساسية ولا التفاصيل المهمة .. لا العمود الفقري لقصة تنظيم الجهاد ولا تعليقاتي المستوحاة منها .. خاصة تلك التي تفضح كيف حاول أنور السادات استخدام التنظيمات والتيارات الدينية ( المسلمة والمسيحية ) لتحقيق أغراضه في الداخل والخارج .. وكيف انقلبت هذه التنظيمات والتيارات عليه وأدت إلى نهايته على هذا النحو الذي لم يحدث لحاكم مصري من قبل ..
 عادل حمودة - صحافي مصري - كتاب : قنابل ومصاحف - قصة تنظيم " الجهاد "

* اكتشفت خارج الحدود السر وراء الطلب الذي تقدم به الملك محمد الخامس إلى السلطات الفرنسية وهو في منفاه الإجباري للسماح له بالاحتفاظ بعدة أسطوانات للشيخ عبد الباسط عبد الصمد .
واكتشفت السر وراء استدعاء الشيخ الشعشاعي وزميله الشيخ شعيشع إلى بغداد لإحياء ليالي مأتم الملك غازي ملك العراق .
واكتشفت السر وراء إصرار عثمان حيدر آباد أحد أمراء الهند العظام وأحد أثرياء العالم في عصره على دعوة شيخ القراء الشيخ محمد رفعت لإحياء ليالي شهر رمضان في قصره العظيم ومقابل أي كمية من الذهب يطلبها الشيخ رفعت .
وبعد عودتي إلى مصر هالني مدى الفرق الرهيب بين مشايخ الأربعينات والخمسينات والستينات وبين ما نسمعه الآن ، خصوصا السادة المشايخ الذين احترفوا تلاوة القرآن في جهاز التليفزيون .. أصوات ملساء وأخرى صلعاء ، وأغلبها بلا نبض ولا إحساس .
 محمود السعدني - صحافي وكاتب مصري ساخر - كتاب : ألحان السماء

* قد تقف المعارك بين الأعداء .. ولكنها لا تقف أبدا بين الحلفاء ..
 إحسان عبد القدوس - صحافي وروائي مصري - كتاب : وغابت الشمس .. ولم يظهر القمر

* ذنوب " التلمذة " بطبيعتها من التفاهة بحيث لا تكاد يحس الإنسان بحملها .. 
 يوسف السباعي - أديب مصري - كتاب : فديتك يا ليلى

* ان غروب الامبراطورية العثمانية قد القى على القيادات الوطنية العربية مسئولية خطيرة لم تستطع ان تنهض بها فكانت كارثة الوعد وكارثة التقسيم وكانت تيارات الاستعمار البريطاني والفرنسي الصاعد - بالمؤتمرات والحروب والاحتلال والانتداب - ولم تكد تغرب شمس هذا الاستعمار الغادر في معركة 1956 حتى جاءت بعدها موجة ثانية من النفوذ الاستعماري أخطر وأعتى وخاصة بعد تشابك الانتاج الأوربي والعالمي بالبترول العربي وازياد التنافس العسكري والسياسي والاقتصادي بين العملاقين الجديدين وهما الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي . 
 كامل زهيري - صحافي مصري - كتاب : مزاعم بيجن الرد عليها بالوثائق  

* إننا نبدأ في الموت منذ أن نبدأ في الحياة ، نبدأ الخسارة منذ الكسب نشرع في رحلة الضياع في نفس اللحظة التي نشرع في رحلة الوصول ..
 فتحي غانم - أديب مصري - كتاب : الرجل الذي فقد ظله

* أخذت بحلاوة صوتها الحزين الذي فيه شيء ما . شيء يستعصي على الوصف وإن تكن الأذن تستريح إليه .
أما وجهها ! ..
الحقيقة أن أسمهان كانت جذابة وكانت فيها أنوثة ولكنها لم تكن جميلة في حكم مقاييس الجمال .
وجهها المستطيل ! وأنفها الذي كان مرهفا أكثر بقليل مما يجب ! وطويلا أكثر بقليل مما يجب ! وفمها الذي كان أوسع بقليل مما يجب ! وذقنها الثائر أو البارز إلى الأمام أكثر بقليل مما يجب ! .. 
ولكنّ عينيها ! .. عيناها كانتا كل شيء .. 
في عينيها كان السر والسحر والعجب .. لونهما أخضر داكن مشوب بزرقة وتحميهما أهداب طويلة تكاد من فرط طولها أن تشتبك ! 
وكانت أسمهان - رحمها الله - تعرف كيف تستعمل سحر عينيها عند اللزوم !
 مُحمّد التابعيّ - صحافيّ مصريّ من روّاد الصحافة العربيّة المُعاصرة - كتاب : أسمهان تروي قصتها

* في المجتمع الديمقراطي عادة يكون الجديد أو غير المتوقع ، وحتى المستفز أو الجدالي المتعمد ، أو يجب أن يكون مرحبا به بوصفه جوهر الجدال والخلاف اللذين يتفرع عنهما فهم أكبر وتصحيح في نهاية المطاف للأرثوذكسية السائدة إن كانت خاطئة . لكن ذلك لا يصح ربما بالنسبة إلى الصراع العربي - الإسرائيلي بقدر ما يصح بالنسبة إلى أي موضوع آخر تقريبا ، أو أن ذلك ينطبق على الأقل على أولئك - " أصدقاء إسرائيل " في الولايات المتحدة - الذين يهيمنون على النقاش ويجعلون مهمّتهم تشكيل الأرثوذكسية والحفاظ عليها .
 ديفيد هيرست - مراسل بريطاني مخضرم في الشرق الأوسط - كتاب : البندقية وغصن الزيتون - جذور العنف فى الشرق الأوسط 

* خريج المدرسة لا يعني بالمستقبل أكثر مما يعني بالعواطف . انه قد أدى واجبه وقطع مراحل الدراسة وأصبح في مصاف الرجال . ان أول ما يصطدم به الخريج بعد عناء الدرس هو الحب ! ... 
خلا القلب من هم الجغرافيا والتاريخ والحساب . وخلا الذهن من هم القانون الروماني والاقتصاد والحجز على الأسهم والسندات . اذن في قلبه وذهنه فراغان فلتملاهما "جولييت" و"ليلى العامرية" و"كليوبترا" وغيرهن من مخلوقات الله الحسان ...
 فكري أباظةمن أعلام الأدب والصحافة السياسية في مصر - كتاب " النائب المحترم "ش" الضاحك المبكي

* من شعراء القرن الثاني الهجري . اسمه ابن هانئ ، وكنيته أبو نواس ، أو ذو نواس !
كان عصره عصر العلم والمعرفة والحضارة ، عصر الفتن ، والانقلابات السياسية ، والثورات الفكرية ، فقد ولد عندما كانت دولة الأمويين في طريقها إلى الظل ، وكانت دولة العباسيين تأخذ مكانها تحت الشمس . وفي عهد هذه الدولة اتسعت اللغة العربية ، لثقافة الصين والهند ، وفارس ، والرومان ، واليونان ، وأبيحت حرية الفكر ، وحرية التعبير ، وحرية العقيدة ، حرية الهدى والضلال ، حرية التقوى والفجور ! حرية السمو إلى البحث عن الحقائق ، وحرية التدحرج إلى المجون والانحلال . 
 كامل الشناوي - شاعر وصحافي مصري - كتاب : اعترافات أبو نواس 

* بدأ الاجتهاد الفقهي يتبارك مع تطور الحياة وتشعبها وظهر بعض الأئمة ناطقين بما عليه الرأي والعُرف المقبول في الثقافة الحية الواسعة ، لكن تدهور من بعُد مستوى الدين السياسي باختلاط الجماهير الداخلة في الأمة بما تحمله من تراث وتعسّرت وظائف الحكم وطرأت الفتن السياسية ، وأخيرا ظهر خلف فقهي من الشُّراح الذين يُفرّعُون التعليقات الموغلة المتنطعة في الحواشي الدقيقة علما يتباعد بعامة الناس عن أصول الدين ومنابعه ويغمر معالمه ، بل تعازل أولئك المتفيقهون والعوام الذين أصبحوا يسدُون في الحياة في غفلة وجهالة إلا سماع الفتاوي في صغائر المسائل ممن اختص بأمر الدين واحتكر معارفه .
 حسن الترابي - زعيم سياسي وديني سوداني - كتاب : السيّاسةُ والحُكم النُظم السُلطانيةُ بين الأصُول وسُنن الواقع  
* وما كان لمثلي أن يتنكر ليوليو أو ينكره أو يتناساه ، فلم يكن يوليو حدثا عارضا ، ولا حلما باردا قفز إلينا نحن رجاله في لحظة مواتية ، بل كان أملا عاش في قلوبنا الشابة نسجناه معا في حرص واتقان ، وما أجمل أن تمتلك حلما جميلا .
وما أصعب أن يكون الحلم ملكا لوطنك وشعبك ، ساعتها سيكون الحرص مضاعفا بل سيصبح عبئا .. فالخطأ لن يطالك أنت وأصدقاؤك أسرتك فحسب ، بل سيطال كل مصر وكل مصري .
 خالد محيي الدين - أحد الضباط الأحرار المشاركين في ثورة يوليو 1952 - كتاب : .. والآن أتكلم

* اقترب الآن من النهاية .. واحزم حقائبي استعدادا للرحيل ..
انني في الأيام التي يكون فيها الانسان معلقا بين الأرض والسماء ..
في تلك الأيام التي يختفي فيها تأثير الجسد على البشر ويبقى نفوذ الروح .. ويبتعد فيها الانسان عن المادة ويغطي نفسه بالشفافية .. وينسى الالم والدنيا والسلطة والمال والولد ولا يتذكر إلا الحق والتسامح والصدق والخير ..
 محمد نجيب - ضابط مصريّ - كتاب : كنت رئيسا لمصر مذكرات محمد نجيب

* وعشت - في ظلال القرآن - أنظر من عُلو إلى الجاهلية التي تموج في الأرض ، وإلى اهتمامات أهلها الصغيرة الهزيلة .. أنظر إلى تعاجب أهل هذه الجاهلية بما لديهم من معرفة الأطفال ، وتصورات الأطفال ، واهتمامات الأطفال .. كما ينظر الكبير إلى عبث الأطفال ، ومحاولات الأطفال . ولثغة الأطفال .. وأعجب .. ما بال هذا الناس ؟ ! ما بالهم يرتكسون في الحمأة الوبيئة ، ولا يسمعون النداء العلوي الجليل . النداء الذي يرفع العمر ويباركه ويزكيه ؟ 
 سيد قطب - أديب مصريّ وكاتب إسلاميّ ، شاعر وناقد - كتاب : في ظلال القُرآن    

* أنّ الآثار السلبية التي خلفها لنا عقد السبعينات كانت تعيش معنا ، ففي نهاية ذلك العقد ، تولى جيمي كارتر مهام رئيس الولايات المتحدة ، ولكنه - لسوء حظه - أدار البلاد بصورة عقيمة أدت إلى نتائج مؤلمة ، وكان يقر بأنّ البلاد تعاني من (وعكة) سيئة . وكان على الأمريكيين أن يتوقفوا عن التفاؤل . وأشارت معظم التكهنات إلى ارتفاع أسعار النفط ومعدلات التضخم والكساد . وبمعنى أدق ، فإنّ على الأمريكيين أن يتكيفوا ويتهيأوا لانخفاض مستويات المعيشة .
 جورج شولتز - اقتصادي أمريكي ، ورجل دولة ، ورجل أعمال - كتاب : اضطراب ونصر

* لكل إنسان - فرد ، في عالمنا الذي كان ، والذي هو كائن ، والذي سيكون داخل تخومه الجغرافية والاجتماعية والسياسية والنفسية ، جوابه الخاص . الذي لا يتطابق مع جواب آخر ، كان أو آت ، في زمن تعمير الأرض ، أو زمن تعمير القمر . 
 لطفي الخولي - كاتب سياسي يساري ومسرحي مصري - كتاب : قصص قصيرة 

* إن للسلطة الفلسطينية الحق الكامل في إعلان الدولة الفلسطينية المستقلة ، حتى بالرغم من أن معظم أراضيها لا تزال تحت الاحتلال ، وهي مؤيدة في ذلك من أغلبية المجتمع الدولي ويأتي التأييد من منطلق أن إسرائيل مهما حاولت عسفا أن تحول دون تحقيق الأماني المشروعة للشعب الفلسطيني فلن تستطيع في نهاية المطاف منع قيام الدولة الفلسطينية . ولكن بعض المؤيدين يرى أن الأمر في حاجة إلى تنسيق دولي للتعامل مع أهم الأحداث المرتقبة في المستقبل القريب ، وما يترتب عليها من نتائج على المستويين الإقليمي والدولي . 
 أحمد نافع - صحافي مصري مهتم بالشئون العربية - كتاب : أوراق عربية فلسطين .. وهمُوم أخرى    

* لم يجادل أحد في أن الأحزاب في السنوات السابقة على الثورة كانت تحكم في ظل ملكية مستبدة تعبث بالدستور ومقدرات الناس وسمعة البلاد ونزاهة الحكم أوليس الدليل على ذلك أن حزب الوفد أكبر الأحزاب شعبية لم يتح له أن يحكم سوى ثمانية سنوات خلال ثمانية وعشرين عاما من الحكم الدستوري ! وأنه منذ حريق القاهرة في 26 يناير 1952 توالت على الحكم أربع وزارات في مدى ستة اشهر ! وأن صفقات الحكم والمال كانت تعقد على موائد القمار ومن خلال بطانة الملك !
 جمال العطيفي - مستشار قانوني مصري - كتاب : الطريق إلى الديمقراطية

* يظهر لي أن معظم الشبان القوميين يأملون في تحقيق أمانيهم الوطنية بسرعة ويطمحون إلى رؤية نجاح القضية العربية على الفور ، وعندما يلاحظون عدم تحقق الفوز السريع الذي كانوا ينتظرونه والنجاح السريع الذي كانوا يأملونه ، يستسلمون إلى اليأس والقنوط ... لا شك أن سبيل النهضة والوحدة محفوفة بأنواع المشاكل والعقبات . ولا شك أن الموانع التي يجب علينا أن نقتحمها قبل أن نصل إلى غايتنا المنشودة كثيرة جدا غير أن هذه المشاكل - مهما كانت عظيمة - يجب الا تثنينا عن عزمنا ، والا تزعزع ايماننا . 
 ساطع الحصري - مفكر قومي عربي - كتاب : آراء وأحاديث في الوطنية والقومية  

* يُكلّفُها الخنزيرُ شتمي وما بها   هواني ولكن للمليك استذلّت 
 كُثّير عزّة - شاعر أمويّ - قصيدة : زفرات قاتلة     

* دأبت منذ الصبا على تسجيل أحداث حياتي اليومية بانتظام وعلى نحو أصبح يتم عفويا في واقع الأمر . ومن الغريب أني عندما تحولت حياتي الهادئة ، كأستاذ جامعي ، فجأة إلى حياة وزير للدولة ، بكل ما يتطلبه ذلك من اجتماعات مسائية ومناسبات اجتماعية ترتبط بالحياة الرسمية ، استمررت في تدوين أحداث اليوم والتفكير فيها . فقد وجدت أن تلك وسيلة تمكنني من أن أفرز وأرتب وأفهم ما مرّ بي ، استعدادا لليوم التالي . وبذلك اصبحت هذه العملية في ذاتها عملا لابد منه لإراحة بالي وللاسترخاء .
 بطرس بطرس غالي - دبلوماسيّ وسياسيّ مصريّ - كتاب : طريق مصر إلى القدس قصة الصراع من أجل السلام في الشرق الأوسط

* ان الاعتداد بالنفس كرة نفختها الريح ، فأيسر ثقب فيها يخرج منها زوابع .
 فرانسوا فولتير - مؤلّف فرنسيّ - كتاب : القدر

* أن الدين الإسلامي دين توحيد في العقائد ، لا دين تفريق في القواعد ، العقل من أشد أعوانه والنقل من أقوى أركانه ، وما وراء ذلك فنزعات شياطين ، وشهوات سلاطين ، والقرآن شاهد على كل بعمله ، قاض عليه في صوابه وخطئه .  
 مُحمّد عبدُه - سياسيّ مصريّ - كتاب : رسالةُ التوحيد  

* والنّاسُ في فتن انجذم فيها حبلُ الدّين وتزعزعت سواري اليقين واختلف النّجرُ وتششّت الأمرُ . وضاق المخرجُ وعمي المصدرُ فالهُدى خاملٌ والعمى شاملٌ . عُصي الرّحمنُ . ونُصر الشّيطانُ . وخُذل الإيمانُ فانهارت دعائمُهُ ، وتنكّرت معالمُهُ ، ودرست سُبُلُهُ . وعفت شُرُكُهُ . أطاعُوا الشّيطان فسلكُوا مسالكهُ . ووردُوا مناهلهُ بهم سارت أعلامُهُ . وقام لواؤُهُ في فتن داستهُم بأخفافها . ووطئتهُم بأظلافها وقامت على سنابكها . فهُم فيها تائهُون حائرُون جاهلُون مفتُونُون في خير دار وشرّ جيران . نومُهُم سُهُودٌ وكُحلُهُم دُمُوعٌ . بأرض عالمُها مُلجمٌ وجاهلُها مُكرّمٌ موضعُ سرّه ولجأّ أمره وعيبةُ علمه وموئلُ حكمه وكُهُوفُ كُتُبه . وجبالُ دينه . بهم أقام انحناء ظهره وأذهب ارتعاد فرائصه . 
 عليّ بن أبي طالب - رابع الخلفاء الراشدين وأوّل الأئمة الشيعة - خطبة له عليه السلام بعد انصرافه من صفّين ( نهج البلاغة )   

* ما أكثر ما نشكو من أن اللغة العربية ليست لغة تعليم ! وما أكثر ما نضيق ذرعا باضطرارنا إلى اصطناع اللغات الأجنبية في التعليم العالي ! ولكن ما أقل ما نبذل من الجهد لنجعل اللغة العربية لغة التعليم ، بل نحن لا نبذل في هذا جهدا ما ! وكيف تكون اللغة العربية لغة التعليم وهي لا تدرس في المدارس المصرية ! فاللغة العربية لا تدرس في مدارسنا ، وإنما يدرس في هذه المدارس شيء غريب لا صلة بينه وبين الحياة ، لا صلة بينه وبين عقل التلميذ وشعوره وعاطفته .
 طه حسين - أديب وناقد مصريّ كبير - كتاب : في الأدب الجاهلي

* كن شديد التسامح مع من يخالفك في رأيك فان لم يكن رأيهُ كل الصواب فلا تكن أنت كل الخطاء بتشبثك . وأقل ما في اطلاق حرية الفكر والقول تربية الطبع على الشجاعة والصدق وبئس الناس إذا قسروا على الجبن والكذب . 
 شبلي الشُّميّل - طبيب لبنانيّ وصحافيّ وفيلسوف اجتماعيّ متحرّر - كتاب : فلسفة النشوء والارتقاء : شرح بخنر على مذهب داروين   

* يتفق للمرء أحيانا أن يلقى أناسا لا يعرفهم البتة فاذا هو يأخذ يهتم بهم منذ أول نظرة قبل أن يبادلهم كلمة واحدة .
 فيدور دوستويفسكي - كاتب روائيّ روسيّ - كتاب : الجّريمة والعقابُ

* ستُبدي لك الأيامُ ما كنت جاهلا   ويأتيك بالأخبار من لم تُزوّد
 طرفة بن العبد - شاعر جاهليّ من أصحاب المعلّقات - قصيدة : المعلقة      

* وإذا كان حزب مصر قد فاز بأغلبية ساحقة شكل على أثرها حكومة الاغلبية برياسة ممدوح سالم .. فإن حزب الأحرار وحزب التجمع لم يمثلا في الواقع المعارضة على أساس عقائدي ، ولكنهما شكلا معارضة لمجرد المعارضة ، ولمحاولة كسب الثقة عن طريق الضرب تحت الحزام لا محاولة المعاونة بالنقد الهادف في مواجهة الصعاب .
 محمود أبو وافية - رئيس مجلس الاقتراحات والشكاوي بمجلس الشعب - مقال : ماذا في مفاجأة السادات - جريدة أخبار اليوم عدد السبت 8 يوليو 1978

* لو حدث لوالد أن كان له ولد دميم خلا من كل ملاحة ، إذا لألقى حبه إياه على بصره غشاوة فلا يرى معايبه ، كلا بل يراها آيات ذكاء ومفاتن يرويها لأصدقائه على أنها مخايل لطف وحلاوة شمائل .
 ميغيل دى سرفانتس سافيدرا - من أكبر ناثري الأسبان - كتاب : دون كيخوته

* القائل مثلا : إن أصل الداء التهاون في الدين ، لا يلبث أن يقف حائرا عندما يسأل نفسه لماذا تهاون الناس في الدين ؟ والقائل : إن الداء اختلاف الآراء ، يقف مبهوتا عند تعليل سبب الاختلاف . فإن قال سببه الجهل ، يشكل عليه وجود الاختلاف بين العلماء بصورة أقوى وأشد .. وهكذا يجد نفسه في حلقة مفرغة لا مبدأ لها فيرجع إلى القول : هذا ما يريده الله بخلقه ، غير مكترث بمنازعة عقله ودينه له بأن الله الحكيم عادل رحيم ...
 عبد الرحمن الكواكبي - صحافيّ وأديب سوريّ - كتاب : طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد 

*